للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعل يلحس الصحفة، فقال له: يا محمد، أتدري ما كنت تأكل؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، قال: هذا مخّ الثنيان معقود بالسكّر الطبرزد؛ وتدري بكم يقوم بهذه الصحفة علينا؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين؛ قال: تقوم بثلاثمائة وبضعة عشر؛ قال: أتدري لم ألحسها؟ هذه صحفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنا أطلب البركة بذلك. فلما خرج ابن أبي ليلى من عنده رفع رأسه إلى الربيع وقال: لقد أكل الشيخ عندنا أكلة لا يفلح بعدها أبدا. فلما كان عشاء ذلك اليوم راح ابن أبي ليلى إلى المنصور فقال: يا أمير المؤمنين فكّرت فيما عرضت عليّ، فرأيت أنّه لا يسعني خلافك، فولّاه القضاء؛ ثم قال للربيع: كيف رأيت حديثي بالشيخ؟

٧١٤- عاتبت أم جعفر الرشيد في تقريظه للمأمون دون ابنها محمد، فدعا خادما بحضرته وقال: وجّه إلى محمد وعبد الله خادمين خصيّين يقولان لكلّ واحد منهما على الخلوة ما يفعل به إذا أفضت الخلافة إليه. فأما محمد فإنّه قال للخادم: أقطعك وأعطيك وأقدّمك. وأما المأمون فإنّه رمى الخادم بدواة كانت بين يديه وقال: يا ابن اللّخناء، تسألني عمّا أفعل بك يوم يموت أمير المؤمنين وخليفة ربّ العالمين، وإنّي لأرجو أن نكون جميعا فداء له.

فرجعا بالخبرين، فقال الرشيد لأمّ جعفر: كيف ترين؟ ما أقدّم ابنك إلّا طلبا لرضاك وتركا للحزم.

[مثل على لسان الحيوان]

«٧١٥» - وممّا ضربوه مثلا على لسان الحيوان قالوا: صاد رجل قبّرة، فلما صارت في يده قالت: وما تريد أن تصنع بي؟ قال: أريد أن أذبحك وآكلك، قالت: فإني لا أشفي من قرم، ولا أشبع من جوع، فإن تركتني علّمتك ثلاث كلمات هي خير لك من أكلي. أما الأولى فأعلّمك وأنا في يدك، وأما الثانية فأعلّمك وأنا على الشجرة، وأما الثالثة فأعلّمك وأنا على الجبل. فقال: هات الأولى، قالت: لا تلهّفنّ على ما فاتك، فتركها وصارت على الشجرة، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>