ووفيت، فقال: اشهدوا جميعا أني أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله، وما منعني أن أسلم إلّا أن تقولوا: أخذ أموالنا ثم هاجر. فأقرّه رسول الله صلّى الله عليه وسلم على النكاح، وتوفي سنة اثنتي عشرة.
«٩» - وقال عليّ عليه السلام: إنّ الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جنّة أوقى منه، وما يغدر من علم كيف المرجع، ولقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا، ونسبهم أهل الجهل منه إلى حسن الحيلة. ما لهم قاتلهم الله، قد يرى الحوّل القلّب وجه الحيلة ودونها مانع من الله ونهيه، فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا خريجة له في الدين.
[صور من الوفاء]
«١٠» - لما قوي أمر بني العباس وظهر، قال مروان بن محمد لعبد الحميد بن يحيى كاتبه: إنّا نجد في الكتب أنّ هذا الأمر زائل عنّا لا محالة، وسيضطر إليك هؤلاء القوم- يعني ولد العباس- فصر إليهم فإني لأرجو أن تتمكّن منهم فتنفعني في مخلّفيّ وفي كثير من أموري، فقال: وكيف لي بعلم الناس جميعا أنّ هذا عن رأيك وكلّهم يقول: إني غدرت بك وصرت إلى عدوك وأنشد:
[من الطويل]
أسرّ وفاء ثم أظهر غدرة ... فمن لي بعذر يوسع الناس ظاهره
ثم أنشد:[من الوافر]
ولؤم ظاهر لا شكّ فيه ... للائمة وعذري بالمغيب
فلما سمع مروان ذلك علم أنه لا يفعل، ثم قال له عبد الحميد: إنّ الذي أمرتني به