للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم إلى بعض وقالوا: إنّ هذا الرجل لا يسلم على لسانه أحد، فتعالوا حتى نسأله عما يحبّ فنفعله، وعمّا يكره فنجتنبه. فأتوه فقالوا: يا أبا مليكة، أنت اخترتنا على سائر العرب، ووجب حقّك علينا، فمرنا بما تحبّ أن نفعله، ولما تكره أن نتناهى عنه، فقال: لا تكثروا زيارتي فتملّوني، ولا تقطعوها فتوحشوني، ولا تجعلوا فناء بيتي مجلسا لكم، ولا تسمعوا بناتي غناء شبيبتكم، فإنّ الغناء رقية الزّنا. قال: فأقام عندهم، وجمع كلّ رجل منهم ولده وقال: على أمكم الطلاق لئن تغنّى أحد منكم والحطيئة بين أظهرنا لأضربنّه ضربة بسيفي؛ فلم يزل مقيما فيما يرضى حتى انجلت السنة، وارتحل وهو يقول: [من الكامل]

جاورت آل مقلّد فحمدتهم ... إذ ليس كلّ أخي جوار يحمد

أزمان من يرد الصنيعة يصطنع ... فينا ومن يرد الزهادة يزهد

«٢٧٢» - ومن مليح ما جاء في الشكر ومخرجه مخرج الديانة أنّ عديّ بن أرطأة لما احتفر نهر عدي بالبصرة كتب إلى عمر بن عبد العزيز: إني احتفرت لأهل البصرة نهرا أعذب به مشربهم، وجادت عليه أموالهم، فلم أر لهم في ذلك شكرا، فإن أذنت لي قسمت عليهم ما أنفقته عليه، فكتب إليه عمر: إني لا أحسب أهل البصرة عند حفرك لهم هذا النهر خلوا من رجل قال الحمد لله، وقد رضي الله سبحانه وتعالى بها شكرا من جنّته فارض بها شكرا من نهرك.

[الفضل بن سهل وملك التبت]

«٢٧٣» - أدخل على الفضل بن سهل ملك التبت وهو أسير، فقال: أما ترى الله عزّ وجلّ قد أمكن منك بغير عهد ولا عقد؟ فما شكرك إن صفحت عنك، ووهبت لك نفسك؟ فقال: أجعل النفس التي أبقيتها بذلة متى أردتها، فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>