بلال من المسجد ويده على أمّ رأسه وهو ينادي: هذا رسول الله يعطي القصاص من نفسه، فقرع الباب على فاطمة، فقال: يا ابنة رسول الله، ناوليني القضيب الممشوق، فقالت فاطمة: يا بلال، وما يصنع أبي بالقضيب وليس هذا يوم حجّ ولا [ ... ] ؟ فقال: يا فاطمة، ما أغفلك عمّا فيه أبوك؟! إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم يودع الدين ويفارق الدنيا، ويعطي القصاص من نفسه، فقالت فاطمة عليها السلام: يا بلال، ومن تطيب نفسه أن يقتصّ من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ يا بلال، أدن وقل للحسن والحسين يقومان إلى هذا الرجل فيقتصّ منهما، ولا يدعانه يقتصّ من رسول الله.
ودخل بلال المسجد، ودفع القضيب إلى عكاشة. فلما نظر أبو بكر وعمر إلى ذلك قاما فقالا: يا عكاشة، هذا نحن بين يديك، فاقتصّ منا ولا تقتصّ من رسول الله. فقال لهما النبيّ صلّى الله عليه وسلم: امض أنت يا أبابكر، وأنت يا عمر فامض، فقد عرف الله مكانكما ومقامكما؛ وقام عليّ بن أبي طالب فقال: يا عكاشة، أنا في الحياة بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا تطيب نفسي أن تضرب رسول الله، فهذا ظهري وبطني، اقتصّ مني بيدك واجلدني، ولا تقتصّ من رسول الله.
فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: يا عليّ، اقعد، فقد عرف الله مقامك ونيّتك.
وقام الحسن والحسين فقالا: يا عكاشة، ألست تعلم أنّا سبطا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والقصاص [منّا] كالقصاص من رسول الله؟ فقال لهما النبيّ صلّى الله عليه وسلم:
اقعدا يا قرّة عيني، لا نسي الله لكما هذا المقام، ثم قال عليه الصلاة والسلام: يا عكاشة، اضرب إن كنت ضاربا، فقال: يا رسول الله، ضربتني وأنا حاسر عن بطني. فكشف عن بطنه صلّى الله عليه وسلم، وصاح المسلمون وقالوا: أترى عكاشة ضاربا بطن رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟! فلما نظر عكاشة إلى بياض بطنه صلّى الله عليه وسلم كأنّه القباطيّ، لم يملك أن أكبّ عليه، فقبّل بطنه وهو يقول: فداك أبي وأمي، ومن تطيق نفسه أن يقتصّ منك؟! فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلم: إمّا أن تضرب، وإمّا أن تعفو. فقال: قد عفوت عنك رجاء أن يعفو الله عني في القيامة. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: من أراد أن