للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينظر إلى رفيقي في الجنة، فلينظر إلى هذا الشّيخ، فقام المسلمون فجعلوا يقبّلون ما بين عينيه ويقولون: طوباك! طوباك! نلت درجات العلى، ومرافقة رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

فمرض رسول الله من يومه، فكان مريضا ثمانية عشر يوما يعوده الناس.

وكان صلّى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين، فلما كان يوم الأحد ثقل في مرضه، فأذّن بلال بالأذان، ثم وقف بالباب فنادى: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، الصلاة رحمك الله. فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم صوت بلال، فقالت فاطمة: يا بلال إن رسول الله مشغول بنفسه. فدخل بلال المسجد، فلما أسفر الصبح قال: والله لا أقيمها حتى أستأذن سيدي رسول الله. فرجع وقام بالباب ونادى: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، الصلاة رحمك الله. فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم صوته فقال: ادخل يا بلال، إنّ رسول الله مشغول بنفسه، مر أبا بكر يصلّي بالناس، فخرج ويده على أمّ رأسه، وهو يقول: يا غوثاه! يا لله وانقطاع رجائي وانقصام ظهري! ليتني لم تلدني أمي، وإذ ولدتني لم أشهد من رسول الله هذا اليوم، ثم قال: يا أبا بكر، ألا إنّ رسول الله يأمرك أن تصلّي بالناس. فتقدّم أبو بكر للناس، وكان رجلا رقيقا، فلما نظر إلى خلوّ المكان من رسول الله لم يتمالك أن خرّ مغشيّا عليه، وصاح المسلمون بالبكاء. فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ضجيج الناس، فقال: ما هذه الضجّة؟ قالوا: ضجيج المسلمين لفقدك يا رسول [الله] . فدعا عليّ بن أبي طالب والعباس فاتّكأ عليهما، فخرج إلى المسجد، فصلّى بالناس ركعتين خفيفتين، ثم أقبل بوجهه المليح عليهم، فقال: معشر المسلمين، عليكم باتّقاء الله وحفظ طاعته من بعدي، فإني مفارق الدنيا؛ هذا أوّل يوم من الآخرة، وآخر يوم من الدنيا. فلما كان في يوم الاثنين اشتدّ به الأمر، وأوحى الله تعالى إلى ملك الموت: أن اهبط إلى حبيبي وصفيّي محمد في أحسن صورة، وارفق به في قبض روحه. فهبط ملك الموت فوقف بالباب شبه أعرابيّ، ثم قال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف

<<  <  ج: ص:  >  >>