الملائكة، أأدخل؟ فقالت عائشة لفاطمة: أجيبي الرجل، فقالت فاطمة: آجرك الله في ممشاك يا عبد الله، إنّ رسول الله مشغول بنفسه؛ فنادى الثانية، فقالت عائشة: يا فاطمة، أجيبي الرجل، فقالت مثل المقالة الأولى، ثم دعا الثالثة مثل الأولى والثانية: أأدخل فلا بدّ من الدخول. فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم صوت ملك الموت عليه السلام، فقال: يا فاطمة، من بالباب؟ قالت: يا رسول الله، إنّ رجلا بالباب يستأذن في الدخول فأجبناه مرّة بعد أخرى، فنادى في الثالثة صوتا اقشعرّ منه جلدي وارتعدت فرائصي، فقال لها النبيّ صلّى الله عليه وسلم: يا فاطمة، أتدرين من بالباب؟ هذا هادم اللذات، ومفرّق الجماعات؛ هذا مرمّل الأزواج، ومؤتم الأولاد؛ هذا مخرّب الدور، وعامر القبور، هذا ملك الموت؛ ادخل رحمك الله، يا ملك الموت، جئتني زائرا أم قابضا؟ قال: جئتك زائرا وقابضا، وأمرني الله أن لا أدخل عليك إلا بإذنك، ولا أقبض روحك إلا بإذنك، فإن أذنت، وإلا رجعت إلى ربّي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا ملك الموت، أين خلّفت حبيبي جبريل؟ قال: خلّفته في السماء الدنيا والملائكة يعزّونه فيك. فما كان بأسرع من أن أتاه جبريل عليه السلام، فقعد عند رأسه، فقال رسول الله: يا جبريل، هذا الرحيل من الدنيا، فبشّرني، ما لي عند الله؟ قال: أبشّرك يا حبيب الله أني تركت أبواب السماء قد فتحت، والملائكة قد قاموا صفوفا صفوفا بالتحيّة والرّيحان، يحيّون روحك يا محمد. فقال: لوجه ربّي الحمد، فبشّرني يا جبريل، قال: أنت أوّل شافع وأوّل مشفّع في القيامة. قال: لوجه ربّي الحمد، فبشّرني يا جبريل، قال جبريل: عمّ تسألني؟ قال: أسألك عن غمّي وهمّي؛ من لقرّاء القرآن من بعدي؟ من لصوّام شهر رمضان من بعدي؟ من لحجّاج بيت الله الحرام من بعدي؟ من لأمّتي المصطفاة من بعدي؟ قال: أبشر يا حبيب الله، فإنّ الله تعالى يقول: قد حرّمت الجنّة على جميع الأنبياء حتى تدخلها أنت وأمّتك يا محمد. قال: الآن طابت نفسي، ادن يا ملك الموت فانته إلى ما أمرت به. فقال عليّ عليه السلام: يا رسول الله، إذا أنت قبضت فمن