فماذا يصف الواصف من عنزك ونبلها، ويعدّد من خيرها وفضلها: أخلاقها الطيّبة أم آدابها المعجزة، أم ذكاءها عند الرجعة من الرعي، ووقوفها على بابك بالسكون والهدي، حتى إذا فتح لها ولجته ذاهبة إلى مربطها، منقادة لقائدها. فمهما تنس لا تنس أيها الحاجب لبأها المزعفر عند الولاد، ووطبها الملفّف في البجاد، والائتدام بلبنها إذا أعوز الإدام، ورواسلها العامرة للمنزل، وأنيابها المشيدة بذكرك في المحفل، وأمصالها المتناقلة بين الدور، وأبعارها الساجرة للتنّور. وكائن من عنز حاولت اللحاق بها فنكلت، ورامت المماثلة لها فعجزت؛ هذا وقد عدمت من فضلات ألبانها الوسيعة، وأثمان عنقها المبيعة، ما كان عدّتك في عامّة أمورك، ومادّتك في ملبسك وبخورك. وكم جدي لها أكرم عن الذبح، واستخلص للقراع والنّكح، قد نتج أولادا أنجابا يعرفون بك ويعزون إليك، ويحيلون بصريح نسبهم في التيوسة عليك، وهذه فضيلة مغفول عن ذكرها، ومنقبة يقصّر لسانك عن شكرها، وكأني بك متى لقيت من أسباطه نجيبا، وجارا لخصييه ينبّ نبيبا، خار صبرك وقلبك، وطار حلمك ولبّك، وتذكّرت ما يبكيك، ونسيت عند رؤيته ما كان يسليك، وحقّ لك، غير أنّ الثواب المكتسب أجلّ الأعواض عنها، والأجر المذخور خير لك منها، فلا مردّ للقضاء المحتوم فقد فقد الناس الأغنام، ومارسوا الضرورة والإعدام، ثم جبر الله المصائب، وعوّض عن الفائت الذاهب. فأحسن الله لك العزاء عن عنزك وجديك، وخفّف ثقل أسفك عليهما ووجدك، ودمل بالتسلّي خموش وجهك وخدّك، وربط على قلبك بالصبر عند مشاهدة مربطها، وآنسك بالسّلوة عن عطاسها وضرطها، ولا أخلاك من قرينة تسدّ مسدّها في عمارة خلّتك، وتقوم مقامها في مطاعمك وأغذيتك، وألحقها بالأغنام الشهداء، وجمع بينها وبين قرابين الأولياء، وحشرها مع الأضحيات، ورفعها إلى منازل الهدايا المشعرات، ووفّر أجرك عليها من متوفاة، ولا أجرى دمعك بعدها على شاة، إنه