الساعة إلّا خوفا من هذه العامة فلعلها ترى أني تناولتك من جهة القدرة، ومنعتك حقّك بالاستطالة عليك. فأما الآن فإنها تعلم أنّي ما كنت لأسمح باليمين والمال، وأمر ليحيى بثلاثين ألف دينار، وتصدّق بثلاثين ألف دينار.
«٥٥٦» - وكان أبو خازم [١] عبد الحميد بن عبد العزيز السّكونيّ قاضيا للمعتضد، مات في أيامه الضّبعيّ صاحب الطعام، وله أطفال، وعليه للمعتضد دين قدره أربعة آلاف دينار. فقال المعتضد لعبيد الله بن سليمان: قل لعبد الحميد أن يدفع إلينا هذا المال من تركة الضبعي، فذكر له ذلك، فقال أبو خازم: إنّ المعتضد كأسوة الغرماء في تركة الضبعي. فقال له عبيد الله: أتدري ما تقول؟
فقال أبو خازم: هو ما قلت لك. وكان المعتضد يلحّ على عبيد الله في اقتضاء المال، وعبيد الله يؤخر ما قال له أبو خازم، فلما ألحّ عليه أخبره بما قال أبو خازم، فأطرق المعتضد ثم قال: صدق عبد الحميد هو كما قال: نحن كسائر الغرماء وأسوتهم.
«٥٥٧» - أخذ عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، من رجل فرسا على سوم، فحمل عليه رجلا فعطب الفرس، فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلا، فقال له الرجل: أجعل بيني وبينك شريحا العراقيّ. فقال: يا أمير المؤمنين أخذته صحيحا سليما فعليك أن تردّه كما أخذته، فأعجبه ما قال، وبعث به قاضيا. ثم قال: ما وجدته في كتاب الله سبحانه فلا تسأل عنه أحدا، وما لم يستبن في كتاب الله فالزم السنّة، فإن لم يكن في السنة فاجتهد رأيك.