للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حضرت في مهمّ لأصل إليك. فسكت ساعة مفكرا ثم قال: أصاب عبد الحميد، يا صافي هات الصندوق. فأحضر صندوقا لطيفا فقال: كم يجب لك؟

فقلت: الذي جبيت عام [١] أول من ارتفاع هذه العقارات أربعمائة دينار. فقال:

كيف حذقك بالنّقد والوزن؟ قلت: أعرفهما. قال: هاتوا ميزانا، فجاءوا بميزان حرّانيّ عليه حلية ذهب، وأخرج من الصندوق دنانير عينا فوزن لي منها أربعمائة دينار، فانصرفت بها إلى أبي خازم فقال: أضفها إلى ما اجتمع للوقف عندك، وفرّقه في غد في سبله، ففعلت.

«٥٦٩» - وكان عافية القاضي يتقلّد للمهديّ أحد جانبي بغداد، وكان عالما زاهدا، فصار إلى المهدي في وقت الظهر في يوم من الأيام وهو خال، فاستأذن عليه فأدخله، وإذا معه قمطره، فاستعفاه من القضاء واستأذنه في تسليم القمطر إلى من يأمره بذلك. فظنّ أنّ بعض الأولياء قد غضّ منه أو أضعف يده في الحكم، فقال له في ذلك فقال: ما جرى من هذا شيء فقال: ما سبب استعفائك؟ فقال: كان يتقدّم إليّ خصمان موسران وجيهان مذ شهران في قصة معضلة مشكلة، وكلّ يدّعي بيّنة وشهودا، ويدلي بحجج تحتاج إلى تأمّل وتثبت.

فرددت الخصوم رجاء أن يصطلحوا أو يعنّ لي وجه فصل ما بينهما. قال:

فوقف أحدهما من خبري على أني أحبّ الرّطب السكر، فعمد في وقتنا وهو أول أوقات الرطب إلى أن جمع من الرطب السكر ما لا يتهيأ في زماننا جمع مثله إلّا لأمير المؤمنين، وما رأيت أحسن منه، ورشا بوّابي جملة دراهم على أن يدخل


[١] ح ع: عاما.

<<  <  ج: ص:  >  >>