فأنشدته بالياء، فقال لي: فنعلما بالنون، فقلت له: وما الفرق بينهما؟ فقال: إنّ المعاني تحسّن الشعر وتفسده، وإنما قال «فنعلم» ليعلم هو القصة، وليست به حاجة إلى أن يعلم الناس سرّه. فقلت له: أنا أعلم بالشعر منك، قال: فلمن هو؟ قلت: للأسود بن عمارة النوفلي قال: أو تعرفه؟ قلت: لا، قال: فأنا هو.
فاعتذرت إليه من مراجعتي إياه ثم عرّفته خبر الخليفة فيما فعله، فقال: أحسن الله جزاءك، وانصرف، وقال: هذا أحقّ منزل بترك.
«٧٦١» - مدح البحتري المتوكل بقصيدته التي أولها:[من الكامل المجزوء]
عن أيّ ثغر تبتسم ... وبأيّ طرف تحتكم
وهي من فاخر الشعر ومونقه، فصاح به أبو العنبس الصيمري من خلفه:
[من الكامل المجزوء]
في أيّ سلح ترتطم ... وبأيّ كفّ تلتقم
أدخلت رأسك في الحرم ... وعلمت أنك تنهزم
وتمامها شعر سخيف ركيك، فغضب البحتريّ وخرج، وضحك المتوكل حتى أكثر، وأمر لأبي العنبس بعشرة آلاف درهم، وقيل: أمر له بالصلة التي كانت أعدّت للبحتري.
«٧٦٢» - قال المدائني: قدم البصرة راجز من أهل المدينة، فجلس إلى حلقة فيها الشعراء فقال: أنا أرجز العرب، أنا الذي أقول:[من الرجز]