للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإمامته نجوم العدل فما تغور، وأقام بها أسواق الخيرات فما تكسد بضائع طالبيها ولا تبور، وحمى بحسن رعايته حمى الدين فما يذعر سربه، ولا يكدّر شربه، ولا يفلّ غربه؛ وخصّ الرعية من رأفته بمنحة أرهفت شذاتها، وثقّفت بعد الالتواء قناتها، وجمعت أشتات صلاحها، ويسّرت دواعي فلاحها، فهي محظوظة في كنف عدله، مغتبطة بخروجها من حزن العيش إلى سهله، بنعمته [١] التي شحذت في الطاعة بصائرها، واستخلصت مبادرتها في المتابعة ومصابرتها، وشفعت ظواهرها [٢] في العكوف على الدعاء لآبائه، وبسطت آمالها بعد الانقباض وأحصدت مرائرها. وهو يستوزع الله عزّ وجلّ شكر هذه النعمة، ويستجزل بالتحدّث بها خطّة منها وقسمة. وما توفيقه إلا بالله عليه يتوكّل وإليه ينيب.

وان أمير المؤمنين بما وكله الله إليه من أمور عباده، وحمّله أعباءه في أرضه وبلاده، يرعي الأمة من اهتمامه عينا يقظى، ويوليها في عامة متصرفاته [٣] حراسة شاملة وحفظا. ويتفقد أحوالها، تفقدا يصلح بالها [٤] ، ويصل حبالها [٥] ، ويعشب مرادها، ويكثب مرادها [٦] ، ويعمّ بذلك عموما يشترك فيه المسلم منها والمعاهد، والداني والمتباعد، وطوائف الملل من أهل الكتاب الذين خفرهم عهد الشرع وذمّته، وكنفتهم حياطته وحمايته، ليفيء [٧] عليهم ظلّ الحسنى بأجمعهم، ويقترن مرآهم في النظر لهم بمسمعهم.

ولما أنهيت حالك لأمير المؤمنين، وأنك أمثل أهل نحلتك طريقة، وأقربهم


[١] م: ومعموره.
[٢] واستخلصت ... ظواهرها: سقط من س.
[٣] س: متصرفاتها.
[٤] س: احوالها.
[٥] م: جمالها.
[٦] م: ويكتب موادها.
[٧] م: ليبقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>