للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: إن هذا لا يغني عنك من الله شيئا فقل غير ما أنت فيه، فقال:

[من الرجز]

الشعر صعب وطويل سلّمه ... إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه

زلّت به إلى الحضيض قدمه ... يريد أن يعربه فيعجمه

قالوا: هذا مثل الذي كنت فيه. فقال: [من الرجز]

قد كنت أحيانا شديد المعتمد ... وكنت ذا خصم على الناس ألدّ

فوردت نفسي وما كادت ترد

قالوا: يا ابا مليكة، الك حاجة؟ قال: لا والله، ولكن أجزع للمديح الجيد يمدح به من ليس له أهلا. قالوا: فمن أشعر الناس؟ فأومى بيده إلى فيه وقال:

هذا الجحير إذا طمع في خير. واستعبر باكيا فقالوا له: قل لا إله إلا الله، فقال:

[من الرجز]

قالت وفيها حيدة وذعر ... عوذ بربي منكم وحجر

فقيل له: ما تقول في عبيدك وإمائك؟ قال: هم عبيد قنّ ما عاقب الليل النهار. قالوا: فأوص للفقراء بشيء. قال: أوصيهم بالالحاح في المسألة فانها تجارة لا تبور، واست المسؤول أضيق. قالوا: فما تقول في مالك؟ قال: للأنثى من ولدي مثل [١] حظّ الذكرين. قالوا: ليس هكذا قضى الله، قال: لكنّي هكذا قضيت. قالوا: فما توصي لليتامى؟ قال: كلوا أموالهم ونيكوا أمّهاتهم. قالوا:

فهل شيء تعهد به غير هذا؟ قال: نعم، تحملوني على أتان، وتتركوني راكبها حتى أموت، فان الكريم لا يموت على فراشه، والأتان مركب لم يمت عليه كريم قطّ. فجعلوه على أتان وجعلوا يذهبون به ويجيئون عليها حتى مات وهو يقول: [من الرجز]


[١] س: مثلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>