للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا طالبه مني.

[٣٣٤]- وقال عمر لرجل من جلسائه: لقد أرقت الليلة تفكرا، قال:

فيم يا أمير المؤمنين؟ قال: في القبر وساكنه، إنك لو رأيت الميت بعد ثالثة «١» في قبره لا ستوحشت من قربه بعد طول الأنس منك بناحيته، ولرأيت بيتا تجول فيه الهوامّ ويجري فيه الصديد وتخترقه الديدان، مع تغيّر الريح وبلى الأكفان، بعد حسن الهيئة وطيب الريح ونقاء الثوب، ثم شهق شهقة وخرّ مغشيا عليه، فقالت فاطمة: يا مزاحم، ويحك أخرج هذا الرجل عنّا فلقد نغّص على أمير المؤمنين الحياة منذ ولي، فليته لم يكن، فخرج الرجل، فجاءت فاطمة تصبّ على وجهه الماء وتبكي حتى أفاق من غشيته، فرآها تبكي فقال: ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا أمير المؤمنين، رأيت مصرعك بين أيدينا فذكرت به مصرعك بين يدي الله عز وجل للموت وتخلّيك من الدنيا وفراقك لنا، فذاك الذي أبكاني. قال: حسبك يا فاطمة فلقد أبلغت، ثم مال ليسقط فضمّته إليها وقالت: بأبي أنت يا أمير المؤمنين ما نستطيع أن نكلمك بكلّ ما نجد لك في قلوبنا، فلم يزل على حاله تلك حتى حضرته الصلاة فصبّت على وجهه ماء ثم نادته: الصلاة يا أمير المؤمنين، فأفاق فزعا.

[٣٣٥]- وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل الموسم: أما بعد فإني أشهد الله وأبرأ إليه في الشهر الحرام والبلد الحرام ويوم الحجّ الأكبر أني بريء من ظلم من ظلمكم، وعدوان من اعتدى عليكم، أن أكون أمرت بذلك أو رضيته أو


[٣٣٤]- حلية الأولياء ٥: ٢٦٨- ٢٦٩ وسيرة عمر (ابن كثير) : ٨٢- ٨٣ وسيرة عمر (ابن الجوزي) : ١٨٧.
[٣٣٥] حلية الأولياء ٥: ٢٩٢- ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>