للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له: ما منعك من القيام مع الناس حين رأيتني؟ قال: خفت أن يسألني الله عنه لم فعلت، ويسألك عنه لم رضيت، وقد كرهه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فسكن غضبه وقضى حوائجه.

«٣٦٠» - قال المأمون لاسحاق بن العباس: لا تحسبنّي أغفلت إجلابك مع ابن المهدي وتأييدك لرأيه، وإيقادك لناره، قال: والله يا أمير المؤمنين لإجرام قريش إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعظم من جرمي إليك، ولرحمي أمسّ من أرحامهم، وقد قال كما قال يوسف لإخوته لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

(يوسف: ٩٢) وأنت يا أمير المؤمنين أحقّ وارث لهذه الأمة وممتنّ بها. قال: هيهات، تلك أجرام جاهلية عفا عنها الإسلام، وجرمك في إسلامك، وفي دار خلافتك. قال: والله يا أمير المؤمنين للمسلم أحقّ بالإقالة وغفران الزلّة من الكافر. هذا كتاب الله بيني وبينك. يقول الله عزّ وجلّ: سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ

إلى قوله تعالى: وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

(آل عمران: ١٣٣- ١٣٤) والناس يا أمير المؤمنين سمة دخل فيها المسلم والكافر، والشريف والمشروف. قال: صدقت، اجلس، وري بك زنادي، ولا برح بإزائي من الغابرين من أهلك أمثالك.

«٣٦١» - وقال عمرو بن عبيد للمنصور، وأراد عقوبة رجل: يا أمير المؤمنين، الانتقام عدل، والتجاوز فضل، والمتجاوز قد جاوز حدّ المنصف، ونحن نعيذ أمير المؤمنين أن يرضى لنفسه بأوكس الفضلين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>