لنا ديننا برحمته، وأتمّ لنا سابغ نعمته؟ فقال: يبكيني أنه ما تمّ أمر إلا بدا نقصه.
فقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن قرب. وإذا كانت مشوبة برائع يتخلّل صفوها، وطارىء يجهد في بعض الأوقات عفوها، كان ذلك صارفا عنها عين الكمال، مؤذنا لها بطول الآجال، حاكما لها بتراخي عمر البقاء، دالّا على الصعود بها إلى درج المكث الطويل والارتقاء، وحكمه حكم المرض الذي تصحّ به الأجساد، ويمحّص ذنوب من يسلّط عليه من العباد:[من الطويل]
فلا يبهج الأعداء سوء ظنونهم ... فلله صنع في الذي شاء ظاهر
فكم طالب شيئا به الشرّ كامن ... وكم كاره أمرا به الخير وافر
فالحمد لله الذي جعل ما جرت به الأقدار من الأمر الرائع ظاهره، الوجل لوقعه ناظره، لعنايته- جلّت عظمته- عنوانا، وعلى دوام نعمه دليلا واضحا وبرهانا. وإليه الرغبة في أن يجعل الديار وساكنيها، والنفائس [١] في أقاصي الدنيا وأدانيها، لشريف الحوزة التي بها صلاح العالم فداء، وعنها للمكروه وقاء، فلكلّ حادث مع دوام هذه الأيام الزاهرة خلل، وكلّ غمر من نوائب الدهر ما دافع لطف الله عنها وشل.