للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليتك كنت الحيّ في الناس ثاويا ... وكنت أنا الميت الذي غيّب القبر

فتى يشتري حسن الثناء بماله ... إذا السّنة الشهباء قلّ بها القطر

ولما نعى الناعي بريدا تغوّلت ... بي الأرض فرط الحزن وانقطع الصبر

عساكر تغشى النفس حتى كأنّني ... أخو سكرة مالت [١] بهامته الخمر

إلى الله أشكو في بريد مصيبتي ... وبثّي وأحزانا تضمّنها [٢] الصدر

وقد كنت أستعفي إلهي إذا اشتكى ... من الأجر لي فيه وإن سرّني الأجر

وما زال في عينيّ بعد غشاوة ... وسمعي عمّا كنت أسمعه وقر

على أنني أقنى الحياء وأتقي ... شماتة أعداء عيونهم خزر

فحيّاك عني الليل والصبح إذ بدا ... وهوج من الأرواح غدوتها شهر

حلفت بربّ الرافعين أكفّهم ... وربّ الهدايا حيث حلّ بها النحر

ومجتمع الحجّاج حيث تواقفت ... رفاق من الآفاق تكبيرها جار

يمين امرىء آلى وليس بكاذب ... وما في يمين بثّها صادق وزر

لئن كان أمسى ابن المعذّر قد ثوى ... بريد لنعم المرء غيّبه القبر

فتى الحيّ والأضياف إن روّحتهم ... بليل وزاد السّفر إن أرمل السفر

إذا جارة حلّت إليه وفى لها ... فباتت ولم يهتك لجارته ستر

عفيف عن السوءات [٣] ما التبست به ... صليب فما يلفى لعود به كسر

سلكت سبيل العالمين فما لهم ... وراء الذي لاقيت معدى ولا قصر

وكل امرىء يوما سيلقى حمامه ... وإن نأت الدعوى وطال به العمر

وأبليت خيرا في الحياة وإنما ... ثوابك عندي اليوم أن ينطق الشعر


[١] الذيل: دارت.
[٢] الذيل: يجيش بها.
[٣] الذيل: الفحشاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>