للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضول النظر كما يكرهون فضول الكلام، يا عبد الله، اخرج عنّي، فقد شغلت قلبي، إني أبادر جفوف القلم وطيّ الصحيفة. قال: يا أبا سليمان، أنا عطشان، قال: اخرج واشرب، فجعل يدور في الدار لا يجد ماء، فرجع إليه فقال: يا أبا سليمان ليس في الدار حبّ ولا جرّة، فقال: اللهم غفرا، بل هناك ماء، فخرج يلتمس فإذا دنّ من هذه الأصص الذي ينقل فيه الطين وخزفة «١» أسفل كوز، فأخذ تلك الخزفة فغرف بها فإذا ماء حارّ كأنه قد علي لم يقدر أن يسيغه، فرجع إليه وقال: يا أبا سليمان: مثل هذا الحر؟! الناس يكادون ينسلخون «٢» من شدّة الحرّ، ودنّ مدفون في الأرض وكوز مكسور فلو كانت جريرة وقلّة؟ فقال داود: حبّ حيريّ وجرة مذاريّة وقلال منقّشة، وجارية حسناء وأثاث وناضّ- يعني بالناض الدنانير والدراهم- وفضول، لو أردت هذا الذي يشغل القلب لم أسجن نفسي ها هنا، إنما طلّقت «٣» نفسي من هذه الشهوات، وسجنت نفسي حتى يخرجني مولاي من سجن الدنيا إلى روح الآخرة. فقال: يا أبا سليمان ففي هذا الحرّ أين تنام وليس لك سطح؟ قال إني أستحي من مولاي أن يراني أخطو خطوة ألتمس راحة نفسي في الدنيا حتى يكون مولاي هو الذي يخرجني «٤» من الدنيا.

[٣٩٤]- وقال داود: اليأس سبيل أعمالنا هذه، ولكنّ القلوب تحنّ إلى الرجاء.

[٣٩٥]- وقال إبراهيم بن بشار الصوفي الخراساني خادم إبراهيم بن


[٣٩٤] حلية الأولياء ٧: ٣٥٩ وصفة الصفوة ٣: ٨٠.
[٣٩٥] حلية الأولياء ٧: ٣٦٨ وقارن بصفة الصفوة ٤: ١٢٧ وسراج الملوك: ٢٠ والذهب المسبوك:

<<  <  ج: ص:  >  >>