للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصّيصة، فعملت بها أياما فلم يصف لي شيء من الحلال، فسألت بعض المشايخ فقال لي: إن أردت الحلال الصافي فعليك بطرسوس فإن فيها المباحات والعمل الكثير، فتوجهت إلى طرسوس فعملت بها، أنظر البساتين وأحصد الحصاد، فبينما أنا قاعد على باب البحر جاءني رجل فاكتراني أنطر له بستانا، فكنت في البستان أياما كثيرة، فإذا أنا بخادم قد أقبل ومعه أصحابه فقعد في مجلسه ثم صاح: يا ناطور، فقلت: هو ذا أنا، قال: فاذهب فأتنا بأكبر رمّان تقدر عليه وأطيبه، فذهبت فأتيته بأكبر رمان فأخذ الخادم رمانة فكسرها فوجدها حامضة، فقال لي: يا ناطور أنت في بستاننا منذ كذا وكذا تأكل فاكهتنا وتأكل رمّاننا ولا تعرف الحلو من الحامض؟ قال إبراهيم فقلت: والله ما أكلت من فاكهتك شيئا، وما أعرف الحلو من الحامض، فأشار الخادم إلى أصحابه وقال: أما تسمعون كلام هذا؟ ثم قال: أتراك لو أنك «١» إبراهيم بن أدهم ما زاد على هذا، وانصرف فلما كان من الغد ذكر صفتي «٢» في المسجد فعرفني بعض الناس، فجاء الخادم ومعه خلق «٣» فلما رأيته قد أقبل مع أصحابه اختفيت خلف الشجر، والناس داخلون، فاختلطت معهم وهم داخلون وأنا هارب. كان هذا «٤» أوائل أمري وخروجي من طرسوس إلي بلاد الرمال.

[٣٩٦]- وكان إبراهيم يعمل بفلسطين بكراء إذ مرّ به الجيش إلى مصر وهو يستقي الماء قطع الدلو وألقاه في البئر لئلا يسقيهم، فكانوا يضربون رأسه يسألونه عن الطريق وهو يتخارس عليهم لئلا يدلّهم.


[٣٩٦] حلية الأولياء ٧: ٣٧٩.
١٢ ١ التذكرة

<<  <  ج: ص:  >  >>