للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربّكم ولم تشكروها، والعاشر: دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم.

[٤٠٠]- وقال إبراهيم بن أدهم: لم يصدق الله من أحبّ الشهرة.

[٤٠١]- وقال إبراهيم بن بشار: كنت يوما من الأيام مارا مع إبراهيم ابن أدهم في الصحراء، فأتينا على قبر مسنّم، فترحم عليه وبكى، فقلت:

قبر من هذا؟ قال: هذا قبر حميد بن جابر أمير هذه المدن كلّها، كان غريقا «١» في بحار الدنيا ثم أخرجه الله منها واستنقذه، ولقد بلغني أنه مرّ «٢» ذات يوم بشيء من ملاهي ملكه ودنياه وغروره وفتنته، ثم نام في مجلسه مع من يخصّه من أهله، فرأى رجلا واقفا على رأسه بيده كتاب «٣» ، فناوله إياه فإذا فيه مكتوب بالذهب: لا تؤثرنّ فانيا على باق، ولا تغترنّ بملكك وقدرتك وسلطانك وخدمك وعبيدك ولذاتك وشهواتك، فإن الذي أنت فيه جسيم لولا أنه عديم، وهو ملك لولا أنّ بعده الهلك «٤» ، وهو فرح وسرور لولا أنه لهو وغرور، وهو يوم لو كان يوثق له بغد، فسارع إلى أمر الله تعالى فإن الله تعالى قال:

وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ

(آل عمران: ١٣٣) . قال: فانتبه فزعا وقال: هذا تنبيه من الله وموعظة، فخرج من ملكه لا يعلم به أحد، وقصد هذا الجبل فتعبد فيه، فلما بلغني قصته وحدّثت بأمره قصدته، فحدثني ببدء أمره وحدثته ببدء أمري، فما زلت أقصده حتى مات ودفن ها هنا، رحمه الله.


[٤٠٠] حلية الأولياء ٨: ١٩- ٢٠.
[٤٠١] حلية الأولياء ٨: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>