للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الباب الثالث والعشرون باب الهجاء والمذمة) «٢٤٠» - الهجاء مرهبة للكريم، ومحلبة من اللئيم [١] ، وهو على الشاعر أجدى من المديح المضرع، فلذلك بالغ فيه من جعله الذريعة إلى نيل مباغيه.

قال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه للحطيئة: ويلك لا تهج الناس، فقال: إذن أموت وأطفالي جوعا. فاشترى منه عمر رضي الله عنه أعراض المسلمين فقال: [من الكامل]

وأخذت أطراف الكلام فلم تدع ... شتما يضرّ ولا مديحا ينفع

وحميتني عرض اللئيم فلم يخف ... ذمّي وأصبح آمنا لا يفزع

٢٤١- والمقصود من ذكر الهجاء الوقوف على ملحه وما فيه من ألفاظ فصيحة، ومعان بديعة، لا التشفي بالأعراض والرتعة فيها. وليس الهجاء دليلا على إساءة المهجوّ ولا صدق الشاعر فيما رماه به، فما كلّ مذموم بذميم، ولا كلّ ملوم بمليم، وقد يهجى الإنسان بهتا [٢] وظلما، أو تقرّبا إلى عدوّ، أو عبثا، أو إرهابا لمن يخشى الشاعر سطوته فيجبن [٣] عن هجائه: [من الطويل]

كذي العرّ يكوى غيره وهو راتع


[١] ر: مرهبة الكريم ومحلبة اللئيم.
[٢] ر م: بهتانا.
[٣] ب: فجبن.

<<  <  ج: ص:  >  >>