٣٨١- وكان أبو تمام والبحتري معا، مع تقدمهما في الشعر وضروبه، ناقصي الحظّ من الهجاء، ولا طائل لهما فيه. إلا أنّ ابن الرومي كان فيه غاية بل آية، زاد على من تقدّمه بالتصرّف في فنونه، والغوص على دقيق معان استنبطها لم يسبق إليها، ونهج السبيل لمن تبعه. وأنا جامع ها هنا جملة من أهاجيه متتابعة.
«٣٨٢» - فمن ذلك قوله:[من السريع]
صبرا أبا الصقر فكم طائر ... خرّ صريعا بعد تحليق
زوّجت نعمى لم تكن كفؤها ... فصانها الله بتطليق
لا قدّست نعمى تسربلتها ... كم حجّة فيها لزنديق
وروي أنه اقتدح زناد هذا المعنى من رجل اجتاز به وهو يقول: لو كان هاهنا عدل في العطية، وقسم بالسوية، ما ملك أبو الصقر ما يملك.
«٣٨٣» - وقال أيضا:[من البسيط]
وما تكلمت إلا قلت فاحشة ... كأنّ فكّيك للأعراض مقراض
مهما نطقت فنبل منك مرسلة ... وفوك قوسك والأعراض أغراض
إن متّ عاش من الأعراض ميّتها ... وإن حييت فما للناس أعراض
«٣٨٤» - وقال أيضا:[من الخفيف]
نحن جمّ وأنت أقرن والل ... هـ حسيب القرناء للجمّاء