وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر
كأنه مأخوذ من قول الله عزّ وجلّ: حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً
(الأنعام: ٤٤) .
«٥٨٨» - خطب عتبة بن أبي سفيان بمصر فقال: يا حاملي ألأم آناف ركّبت بين عرانين، إنّما قلّمت أظفاري عنكم ليلين مسّي إياكم، وسألتكم صلاح أمركم إذ كان فساده راجعا عليكم، فإن أبيتم إلّا الطّعن على الولاة والتعرّض للسيف فو الله لأقطعنّ على ظهوركم بطون السّياط، فإن حسمت داءكم وإلّا فالسيف من ورائكم. فكم من موعظة منّا لكم مجّتها قلوبكم، وزجرة صمّت عنها آذانكم، ولست أبخل عليكم بالعقوبة إذا جدتم لنا بالمعصية، ولا أويسكم من مراجعة الحقّ إن صرتم إلى التي هي أبرّ وأتقى.
«٥٨٩» - قال أعرابي لرجل: ويحك إنّ فلانا وإن ضحك إليك فإنّ قلبه يضحك منك، وإن أظهر الشفقة عليك فإنّ عقاربه لتسري إليك. فإن لم تتخذه عدوّا في علانيتك، فلا تجعله صديقا في سريرتك.
«٥٩٠» - وحذر آخر رجلا فقال: احذر فلانا فإنه كثير المسألة، حسن البحث، لطيف الاستدراج، يحفظ أول كلامك على آخره، وباثّه مباثّة الآمن، وتحفّظ منه تحفّظ الخائف. واعلم أنّ من يقظة المرء إظهار الغفلة مع الحذر.
«٥٩١» - قطع ناس من بني مخزوم الطريق فكتب إليهم الحجاج: أما بعد فقد استخفتكم الفتنة، فلا عن حقّ تقاتلون، ولا عن منكر تنتهون.