للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلامه، فصادفته وهو يخضب، فلما رآني قال: إنّ الخضاب لمن مقدّمات الضعف، ولئن كنت قد ضعفت فطالما مشيت أمام الجيوش، وعدوت على الوحوش، ولهوت بالنساء، واختلت في الرّداء، وأرويت السيف، وقريت الضّيف، وأبيت العار، وحميت الجار، وغلبت القروم، وعاركت الخصوم، وشربت الرّاح، ونادمت الجحجاح، فاليوم قد حناني الكبر، وضعف البصر، وجاءني بعد الصفو الكدر، ثم أنشد: [من البسيط]

شيب نعلّله كيما ندلّسه ... كهيئة الثوب مطويّا على حرق

قد كنت كالغصن ترتاح الرياح له ... فصرت عودا بلا ماء ولا ورق

صبرا على الدهر إنّ الدهر ذو غير ... وأهله فيه بين الصّفو والرّنق

٩٧- يقال: إنّ أول من خضب بالسواد فرعون؛ وتزوّج رجل على عهد عمر رضي الله عنه فكان يخضب بالسواد، فنصل خضابه وظهرت شيبته، فرفعه أهل المرأة إلى عمر فردّ نكاحه وأوجعه ضربا، وقال غررت القوم بالشباب، ولبّست عليهم بشيبتك.

٩٨- سئل الحسن عن الخضاب فقال: هو جزع قبيح.

٩٩- قال أسماء بن خارجة لجاريته اخضبيني، قالت: حتى متى أرقّعك، فقال: [من البسيط]

عيّرتني خلقا أبليت جدّته ... وهل رأيت جديدا لم يعد خلقا

[١٠٠]- المتنبي: [من الطويل]

وما خضب الناس البياض لأنه ... قبيح ولكن أحسن الشّعر فاحمه

مشبّ الذي يبكي الشباب مشيبه ... فكيف توقّيه وبانيه هادمه


[١٠٠] ديوان المتنبي: ٢٤٦ والأول في نهاية الأرب ٢: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>