الذبياني، والدليل على ذلك قوله: [من الطويل]
تذكرت والذكرى تهيج على الهوى ... ومن حاجة المحزون أن يتذكّرا
نداماي عند المنذر بن محرّق ... أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا
كهول وشبّان كأنّ وجوههم ... دنانير مما شيف في أرض قيصرا
فهذا يدلّ على أنه كان مع المنذر بن محرق، والنابغة الذبياني كان مع النعمان بن المنذر بن محرق، ويقال: إنّ النابغة غبر ثلاثين سنة لا يتكلم، ثم تكلّم بالشعر، ومات وهو ابن مائة وعشرين سنة.
وروي عن هشام بن محمد الكلبي: أنه عاش مائة وثمانين سنة، وروى ابن دريد عن أبي حاتم أنه عاش مائتي سنة، ووفد النابغة على عبد الله بن الزبير في خلافته، وروي أنه مات بأصبهان، وبها كان ديوانه، ومن شعره: [من الوافر]
ومن يك سائلا عنّي فإني ... من الفتيان أيام الخنان
أيام الخنان: كانت للعرب قديمة، هاج بها فيهم مرض من أنوفهم وحلوقهم. وقال محمد بن حبيب: بل هي وقعة كانت لهم، قال قائل منهم وقد لقوا عدوهم خنّوهم بالرماح:
مضت مائة لعام ولدت فيه ... وعشر بعد ذاك وحجتان
فأبقى الدهر والأيام مني ... كما أبقى من السيف اليماني
يفلّل وهو مأثور جراز ... إذا جمعت بقائمه اليدان
قيل: وعمّر بعد ذلك طويلا، ومن ذلك قوله: [من الكامل المجزوء]
المرء يأمل أن يعي ... ش وطول عيش قد يضرّه
تفنى بشاشته ويب ... قى بعد حلو العيش مرّه
وتسوءه الأيام حت ... تى لا يرى شيئا يسرّه