(الزخرف: ٥) ، كلا بل والله هو الهناء والطّلاء، حتى يطرّ العرّ ويبوح الشرّ «١» ، ويضح العيب، ويستوسق الجيب، فإنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى. ويحكم إني لست إتاويّا أعلّم، ولا بدويّا أفهّم، وقد حلبتكم أشطرا، وقلبتكم أبطنا وأظهرا، فعرفت أنجاءكم، وعلمت أنّ قوما أظهروا الإسلام بألسنتهم وأسرّوا الكفر في قلوبهم، فضربوا بعض أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ببعض، وضربوا الأمثال، ووجدوا على ذلك من أهل الجهل من أبنائهم أعوانا، يأذنون لهم ويصغون إليهم. مهلا قبل وقوع القوارع، وحلول الروائع؛ ومع ذلك فلست أؤنّب تأنيبا «٢» ، عفا الله عما سلف، ومن عاد فينتقم الله منه، والله عزيز ذو انتقام.
فأسرّوا خيرا وأظهروه، واجهروا به وأخلصوا، فطالما مشيتم القهقرى ناكصين، وليعلم من أدبر وأصرّ أنّها موعظة بين يدي نقمة، ولست أدعوكم إلى هوى يتّبع، ولا إلى رأي يبتدع، إنما أدعوكم إلى الطريقة المثلى التي فيها خير الآخرة والأولى، فمن أجاب فإلى رشده، ومن عمي فعن قصده. فهلمّوا إلى الشرائع لا إلى الخدائع، ولا تولّوا غير سبيل المؤمنين، ولا تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا
(الكهف: ٥٠) . وإياكم وبنيّات الطريق، فعندها الرّهق «٣» ، وعليكم بالجادّة فهي أسدّ وأردّ، ودعوا الأمانيّ فقد أردت من كان قبلكم، وليس للإنسان إلا ما سعى ولله الآخرة والأولى. لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ، وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى