والحنين إلى مواردها. فارحم أنين الآنّة، وحنين الحانّة. اللهم وارحم حيرتها في مذاهبها، وأنينها في موالجها. اللهم خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير السنين، وأخلفتنا مخايل الجود، وكنت الرجاء للمبتئس، والبلاغ للملتمس، ندعوك حين قنط الأنام، ومنع الغمام، وهلك السّوام، ألا تؤاخذنا بأعمالنا [ولا تأخذنا] بذنوبنا، وانشر علينا رحمتك بالسحاب المنبعق، والربيع المغدق، والنبات المونق، سحّا وابلا تحيي به ما قد مات، وتردّ به ما قد فات.
اللهم اسقنا منك سقيا محيية مروية، تامّة عامّة، مباركة، مريئة «١» ، زاكيا نبتها، ثامرا فرعها، ناضرا ورقها، تنعش بها الضعيف من عبادك، وتحيي بها الميّت من بلادك. اللهم اسقنا منك ديمة «٢» تعشب بها بلادنا «٣» ، وتجري بها وهادنا، ويخصب بها جنابنا، وتعيش بها مواشينا، وتدنى «٤» بها أقاصينا، وتستغني «٥» بها ضواحينا، من بركاتك الواسعة، وعطاياك الجزيلة على بريّتك المرملة، ووحشك المهملة. وأنزل علينا سماء مخضلّة، مدرارا هاطلة، يدافع الودق منها الودق، ويحفز القطر منها القطر، غير خلّب برقها، ولا جهام عارضها، ولا قزع ربابها، ولا شفّان ذهابها، حتى يخصب لإمراعها المجدبون، ويحيا ببركتها المسنتون، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا، وتنشر رحمتك وأنت الوليّ الحميد.
غريب هذه الخطبة: انصاحت: أي تشقّقت؛ وهامت: من الهيام وهو داء يصيب الإبل من العطش فتكوى له مشافرها؛ والحدابير: جمع حدبار؛ وهي الناقة التي أنضاها السير، شبّه بها سنة الجدب [والقزع: القطع الصغار من