بما تقتضيه دعوة السارق إذا افتضح بضوئه، وتهتّك بطلوعه:
ويرحم الله عبدا قال آمينا
وأستغفر الله جلّ جلاله مما قلته إن كرهه، وأستعفيه من توفيقي لما يذمّه، واسأله صفحا يفيضه وعفوا يسيغه، وحالي بعدما شكوته صالحة، وعلى ما تحبّ وتهوى جارية، ولله الحمد- تقدّست أسماؤه- والشكر.
٧٤٨- ومن كلام أبي الحسن ابن نصر الكاتب إلى صديق له اشترى حمارا يداعبه برسالة من جملتها:
عرفت- أبقاك الله- حين وجدت من سكرة الأيام إفاقة، وأنست من وجهها العبوس طلاقة، وتنسّمت رياح المسرّة، واعتضت من ظلمة الضيق نور السّعة، أجبت داعي همتك، وأطعت أمر مروّتك، في التنزه عن الرحلة والانتزاع بذوي الأخطار والهيئة، فسررت بكون هذه المنقبة التي أضمرها الإعدام، ونمّ على كرم سرّها الإمكان، واستدللت منها على خبايا فضل، وتنبهت بها على مزايا نبل، كانت مأسورة في قبضة الإعسار، وكانعة في سدفة الإقتار، وقلت: أيّ قدم أحقّ بولوج الركب «١» من قدميه، وحاذ أولى ببطون القب من حاذيه؟ وأيّ أنامل أبهى من أنامله إذا تصرّفت في الأعنّة يسراها، وتختمت بالمخاصر يمناها؟
وكيف يكون ذلك الخلق العميم والوجه الوسيم، وقد بهر جالسا، إذا طلع فارسا؟ ثم اتهمت آمالي بالغلوّ فيك، واستبعدت مغافصة الزمان بإنصاف معاليك، فقبضت ما انبسط من عنانها، وأخمدت ما اشتعل من نيرانها، حتى وقفت على محجّة الشك أرجو علوّ همتك بحسن اختيارك، وأخشى منافسة الأيام في درك أوطارك، فإنها كالظّانّة في ولدها، والمحادثة بالسوء في واحدها، يدني الأمل مسارها، ويزجي القلق حذارها، حتى أتتني الأنباء تنعى رأيك الفائل،