أفدي الكتاب بناظري فبياضه ... ببياضه وسواده بسواده
فلقد جدّد عهدي بالسرور والجذل، وأعاد عليّ «١» عصر الطرب، وأنالني من الزمان ما يوفي على الأمل، وأحيا ميّت نشاطي، وأجرى الروح في رميم جذلي وانبساطي، وردّ لي ما غاب «٢» من فرحي واغتباطي، وفرج «٣» عن روحي المكروبة، وأزاح علل عازب الهموم عن نفسي بما حقّقه من سلامة سيّدنا. نعم، وصلني كتابه فالتقطت من نفائس درره، ولقد كنت فقيرا إلى بدائع فقره، وتعجبت من ملح كلامه، ونكت نثاره ونظامه. وهو إن كان في العين كتابا، فقد وجدته في القلب كتيبة ملئت طعانا وضرابا، لأنه- حرس الله فضله- شحنه عتابا، وملاما وسبابا، آلمني وقعه وأحرقني لذعه، لكنه خلق سيدنا وطبعه. [من السريع]
والشيخ لا يترك أخلاقه «٤»
زعم أني ذو ملّة طرف «٥» ، والملال- أطال الله بقاء سيدنا- بئست الخلّة كما عرف، وفي المثل المقول: لا مودة لملول، كلا والله لأنا له أوفى من الإفلاس والإعسار، وأحفظ لعهده من الخمول والإقتار، لأحوال الأدباء الأحرار، بل من الكلف لوجه البدر، والخمار لعاقبة الخمر. والله ما نسيت عهده ولا سلوت ودّه ولا تركت مكاتبته عمدا.
يقول فيها:
فسيدنا معروف في الآفاق، غير مفتقر إلى المقام بالعراق، لكني أظنّ ظباء الحريم قد عقلت عقله، وأحسب آرام الصّراة لا الصّريم قد ربطت فضله،