للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر هو وأصحابه عليهم؟ وما منع يحيى بن زكريا حين سألت امرأة الملك الملك أن يقتله، فقتله وبعث [١] برأسه إليها حتى وضع بين يديها، أن يسأل الله أن ينجيه ويهلك الناس؟ فأقبل على جلسائه وقال: والله إنه لحكيم، وما يخرج الحكيم إلّا من عند الحكماء.

٨٠٩- قال خالد بن يزيد القرشي: كانت لي حاجة بالجزيرة فاتخذتها طريقا مستخفيا، قال: فبينا أنا أسير بين أظهرهم إذا أنا بشمامسة ورهبان- وكان خالد رجلا لبيبا لسنا ذا رأي- فقلت لهم: ما جمعكم ها هنا؟ قالوا: إن لنا شيخا سيّاحا نلقاه كلّ عام في مكاننا هذا مرّة [٢] فنعرض عليه ديننا وننتهي فيه إلى رأيه، قال: وكنت رجلا معنيا بالحديث فقلت: لو دنوت من هذا فلعلّي اسمع منه شيئا أنتفع به، قال:

فدنوت منه، فلما نظر إليّ قال لي: من أنت؟ أأنت من هؤلاء؟ قلت: أجل، قال:

من أمّة أحمد [٣] ؟ قلت: نعم، قال: من علمائهم أنت أو من جهالهم؟ قلت: لست من علمائهم ولا من جهالهم، قال: ألستم تزعمون في كتابكم أنّ أهل الجنّة يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا يتغوّطون؟ قال، قلت: نعم نقول ذلك وهو كذلك، قال: فإن لهذا مثلا في الدنيا، فما هو؟ قلت مثل هذا الصبي في بطن أمه يأتيه رزق الرحمن بكرة وعشية ولا يبول ولا يتغوّط، فتربّد وجهه وقال لي: ألم تزعم أنّك لست من علمائهم؟ قلت: بلى ما أنا من علمائهم ولا من جهّالهم، ثم قال: ألستم تزعمون أنكم تأكلون وتشربون ولا ينتقص ما في الجنة شيء؟ قال: نقول ذلك وهو كذلك، قال: فإن لهذا مثلا في الدنيا، فما هو؟ قلت: مثل هذا مثل رجل أعطاه الله علما وحكمة في الدنيا وعلّمه كتابه، فلو اجتمع من خلق الله فتعلّموا منه ما نقص ذلك من علمه شيئا، قال: فتربّد وجهه وقال: ألم تزعم أنّك لست من علمائهم؟

قال، قلت: أجل ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم، فقال: ألستم تقولون في


[١] ر: فبعث.
[٢] مرة: سقطت من م.
[٣] م: محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>