للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلق الله تعالى الدنيا زادا للمعاد ليتناول الناس منها ما يؤدّيهم إلى الدار الأخرى، فلو تناولوها بالعدل انقطعت الخصومات، ولكنهم يتناولونها بالجور ومتابعة الشّهوات ومحبة الاستئثار، فتولّدت بينهم المنازعات فاحتاجوا إلى سلطان يسوسهم ويضبط أمورهم، ولولا ردع السلطان لغلب قويّهم ضعيفهم، ولم يكن دافع عن قتل ولا وازع عن غصب.

وقد قال أردشير «١» : الدين والملك توأمان، والدين أصل والملك حارس، وما لا أصل له فمهدوم، وما لا حارس له فضائع.

ودلّت الشرائع والعقول على وجوب مقتدى به في كلّ زمان وأوان؛ وما رأينا ملة ولا دولة خلت من ذلك حتى العرب ساكني البيد والقفار والجائلين مع الوحوش في الفلوات، فإنهم لما لم يجمعهم مكان ولا نظم شملهم سلطان، جعلت كلّ فرقة منهم لها سيدا من فضلائها وذوي آلائها، يرجعون إليه في حروبهم، ويأتمرون بأمره، وينزجرون بزجره، وكانت لهم أيضا ملوك أكثرهم لها مطيعون، ولذلك قال حكيم من شعرائهم «٢» [من البسيط]

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهّالهم سادوا

وعلى حسب أخلاق السلطان يكون الزمان:


[٧٨٠] نسبه في العقد ١: ٣٢ للأصمعي يرويه، وهو حديث في بهجة المجالس ١: ٣٣٩ «صنفان من أمتي ... » وانظر نثر الدر ٤: ٨٠ وجامع بيان العلم ١: ١٨٤ وتسهيل النظر: ٤٥ والخصال ١: ٣٧ وحلية الأولياء ٧: ٥ والمصباح المضيء ١: ٢٤٥ والشفا: ٤٣ (لسفيان الثوري) .

<<  <  ج: ص:  >  >>