للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرضوا بك ولم يجتمعوا عليك لفضل لا تشارك فيه، وما أكثر أشباهك من المهاجرين والأنصار والمقدّمين قبلك، ولكنّ أهل الشّام ابوا غيرك، وايم الله إنّي لأظنّ ذلك شرّا لنا وخيرا لهم، وإنّه قد ضمّ إليك داهية العرب، وليس في معاوية خصلة يستحقّ بها الخلافة؛ فإن تقذف بحقّك على باطله تدرك حاجتك، وإن تطمع باطله في حقّك يدرك حاجته فيك. اعلم أنّ معاوية طليق الإسلام، وأنّ أباه من الأحزاب، وأنّه ادعى الخلافة من غير مشورة، فإن صدّقك فقد صرّح بخلعه، وإن كذّبك فقد حرم عليك كلامه، وإن ادعى أنّ عمر وعثمان استعملاه فصدق: فأمّا عمر استعمله وهو الوالي عليه، بمنزلة الطبيب من المريض يحميه مما يشتهي ويؤخّره مما يكره، ثم استعمله عثمان برأي عمر، وما أكثر من استعملاه ثم لم يدّعوا الخلافة، وهو منهم واحد. واعلم أنّ لعمرو مع كلّ شيء يسرّك حينا يسوءك. ومهما نسيت فلا تنس أن عليا بايعه القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان، فإنها بيعة هدى، وأنّه لم يقاتل إلا غاصبا أو ناكثا.

فقال أبو موسى: رحمك الله والله ما لي إمام غير عليّ، وإني لواقف عند ما أرى، ولرضى الله أحبّ إليّ من رضى أهل الشام، وما أنا وأنت إلّا بالله.

«٩٠٥» - دخل زيد بن عليّ على هشام بن عبد الملك الرّصافة فسلّم تسليم الخلافة، ثم مال فجلس، فقال: يا أمير المؤمنين، إنه ليس أحد فوق أن يوصى بتقوى الله وإني أوصيك بتقوى الله، وكفى به جازيا لعباده الصالحين ومثيبا.

فظنّ هشام أنه يريد أن يتظلّم، فقال: أنت الراجي للخلافة المنتظر لها، وكيف ترجوها وأنت ابن أمة؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن شئت اجبت وإن شئت سكتّ، قال: أجب، قال: إنه ليس أحد أعظم عند الله منزلة من نبيّ بعثه رسولا، فلو كانت ولادة أمّ ولد تقصّر به عن بلوغ غاية الأنبياء والرسل لم يبعث

<<  <  ج: ص:  >  >>