للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له؛ ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا لله تعالى دون خلقه، لقدرته على عباده، ولعدله في كلّ ما جرت عليه صروف قضائه، ولكن جعل حقّه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضّلا منه وتوسّعا بما هو من المزيد لأهله. ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها [تتكافأ] في وجوهها، ويوجب بعضها بعضا، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض. وأعظم ما افترض الله سبحانه من تلك الحقوق حقّ الوالي على الرعية، وحقّ الرعية على الوالي، فريضة فرضها الله تعالى لكلّ على كلّ، فجعلها نظاما لألفتهم وعزا لدينهم، فليست تصلح الرعية إلّا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلّا باستقامة الرعية، فإذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه، وأدّى إليها حقّها، عزّ الحقّ بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، فصلح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء. وإذا غلبت الرعيّة واليها، وأجحف الوالي برعيّته، اختلفت هناك الكلمة، وظهرت معالم الجور، وكثر الإدغال في الدين، وتركت محاجّ «١» السنن، فعمل بالهوى، وعطّلت الأحكام، وكثرت علل النفوس، فلا تستوحش لعظيم حقّ «٢» عطّل، ولا لعظيم باطل فعل، فهنالك تذلّ الابرار، وتعزّ الأشرار، وتعظم تبعات الله عند العباد، فعليكم بالتناصح في ذلك وحسن التعاون عليه.

[٧٨٥]- يقال إن جمشيد وهو الثالث من ملوك الفرس ملك الأقاليم وصنّف الناس وطبقهم، وعمل أربعة خواتيم: خاتما للحرب والشرط وكتب


[٧٨٥] الجهشياري: ٢ ونهاية الأرب ٦: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>