الحيطان، وفارقت الدار التي ربيت بها وطرت إلى غيرها؛ وأنا أوخذ من الجبال فأوثق وتخاط عيني، وأطعم الشيء اليسير، وأونس يوما أو يومين ثم أطلق على الصيد، فأطير وحدي، وآخذ الصيد لصاحبي، وأمسكه عليه، وأعود إلى مكاني. فقال له الديك: ذهب عليك الصواب، أنت والله لو رأيت على السّفافيد من البزاة اليسير من الكثير الذي أراه أنا من الدّيكة ما عدت قطّ إليهم. ولكن لو عرفتم من المنصور ما أعرفه لكنتم أسوأ حالا منّي عند طلبه لكم.
«٩٩٦» - تهاجى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت وعبد الرحمن بن الحكم فأفحشا، فكتب معاوية إلى سعيد بن العاص، وهو عامله على المدينة، أن يجلد كلّ واحد منهما مائة سوط؛ وكان ابن حسان صديقا لسعيد، وما مدح أحدا قطّ غيره، فكره أن يضربه أو يضرب ابن عمّه، فأمسك عنهما؛ ثم ولي مروان بن الحكم فضرب ابن حسان مائة سوط ولم يضرب أخاه. فكتب ابن حسان إلى النعمان بن بشير وهو عند معاوية فعرّفه. فعزم معاوية على مروان أن يضرب اخاه مائة، فسأل مروان الأنصار سؤال ابن حسان أن يعفو فأبى، فطلبوا إليه أن يقتصر على خمسين ففعل. فلقي ابن حسان بعض من كان لا يهوى ما ترك من ذلك، فقال: ضربك مائة وتضرب خمسين، بئس ما صنعت إذ وهبتها له، فقال: إنه عبد وإنما يضرب العبد نصف ما يضرب الحرّ، فحمل هذا الكلام حتى شاع في المدينة، فبلغ ابن الحكم فشقّ عليه وأتى أخاه مروان وأخبره الخبر، فقال: فضحني لا حاجة لي فيما ترك، فهلمّ فاقتصّ، فضرب ابن الحكم خمسين أخرى.
٩٩٧- روي أنّ امرأة أبي الأسود خاصمته إلى زياد في ولدها، فقالت:
أيها الأمير، إنّ هذا يريد أن يغلبني على ولدي، وقد كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له فناء؛ فقال أبو الأسود: بهذا تريدين أن تغلبيني على