وقصّر عن حضور مجلس أبي حنيفة. فسأل عنه فأخبر بحاله، فدعا بغلام كان له عنده قدر وقال له: صر إلى مجلس يعقوب وقل له: ما تقول في رجل دفع إلى قصّار ثوبا ليقصره بدرهم، فصار إليه بعد أيام في طلب الثوب، فقال له القصّار: ما لك عندي شيء وأنكره؛ ثم إن ربّ الثوب رجع إليه، فدفع إليه الثوب مقصورا، أله أجرة؟ فإن قال: له أجرة فقل: أخطأت، وإن قال: لا أجرة له، فقل: أخطأت.
فصار إليه وسأله فقال: له أجرة، فقال: أخطأت، فنظر ساعة ثم قال: لا أجرة له، فقال: أخطأت. فقام أبو يوسف من ساعته فأتى أبا حنيفة فقال له: ما جاء بك إلا مسألة القصّار، قال: أجل؛ قال: سبحان الله، من عقد لنفسه مجلسا وقعد يفتي الناس، ويتكلّم في دين الله وهذا قدره، لا يحسن أن يجيب في مسألة من الإجارات.
فقال: يا أبا حنيفة علّمني. قال: إن كان قصره بعدما غصبه فلا أجرة له، لأنه قصره لنفسه، وإن كان قصره قبل أن غصبه فله أجرة لأنه قصره لصاحبه. ثم قال: من ظنّ أنه يستغني عن العلم فليبك على نفسه.
«١١٨٢» - مات ولد طفل لسليمان بن عليّ، فأتاه الناس من أهل البصرة يعزّونه، وفيهم شبيب بن شيبة وبكر بن حبيب السهمي. فقال شبيب: أوليس يقال: إنّ الطفل [١] لا يزال محبنظيا بباب الجنّة حتى يدخل أبواه- فجاء بظاء معجمة- فقال له بكر بن حبيب، محبنطئا- بطاء غير معجمة فقال شبيب: ألا إنّ من بين لابتيها يعلم أن القول كما أقول، فقال بكر: وخطأ ثان، ما للبصرة واللّوب؟ أذهبت إلى ما قيل بالمدينة:«ما بين لابتيها» ، أي حرّتيها؟ واستشهد في المحبنطئ بقول القائل:[من الرجز]