ثم قالت لراوية كثيّر: أليس صاحبك الذي يقول: [من الطويل]
يقرّ بعيني ما يقرّ بعينها ... وأحسن شيء ما به العين قرّت
وليس شيء أقرّ بعينها من النكاح، أفيحب صاحبك أن ينكح؟ قبّح الله صاحبك وقبّح شعره.
وقالت لراوية جميل: أليس صاحبك الذي يقول: [من الطويل]
فلو تركت عقلي معي ما طلبتها ... ولكن طلابيها لما فات من عقلي
فما أرى بصاحبك هوى، إنما طلب عقله، قبّح الله صاحبك وقبّح شعره.
ثم قالت لراوية نصيب: أليس صاحبك الذي يقول: [من الطويل]
أهيم بدعد ما حييت وإن أمت ... فوا حزنا من ذا يهيم بها بعدي
فما أرى له همّة إلا من يعشقها بعده؟ قبّحه الله وقبح شعره ألا قال:
[من الطويل]
أهيم بدعد ما حييت وإن أمت ... فلا صلحت دعد لذي خلّة بعدي
ثم قالت لراوية الأحوص: أليس صاحبك الذي يقول: [من الكامل]
من عاشقين تواعدا وتراسلا ... ليلا إذا نجم الثريّا حلّقا
باتا بأنعم ليلة وألذّها ... حتى إذا وضح الصّباح تفرّقا
قال: نعم، قالت: قبّحه الله وقبّح شعره، هلّا قال: تعانقا. فلم تثن على أحد منهم ولم تقدّمه.
وليس كلّ ما ذكرته ساقطا، ولكلّ منه وجه ولصاحبه فيه قصد، وإنما حسن الخبر إذ كان من امرأة قد تتبعت فحول الشعراء وظرفت في ما تتبعتهم به، وقصّر رواتهم عن جوابها.