للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما هدأ شأوه قال لي: أرضيتك فيهم؟ فقلت له: أما في نفسك فنعم، لقد نحس يومك معهم، وقد بقيت أنا عليك فما عذرك- ولا عذر لك- في قولك: [من الطويل]

سقى دمنتين لم تجد لهما أهلا ... بحقل لكم يا عزّ قد رابني حقلا [١]

نجاء الثريّا كلّ آخر ليلة ... يجودهما جودا ويتبعه وبلا

ثم قلت في آخرها:

وما حسبت ضمريّة جدريّة ... سوى التّيس ذي القرنين أنّ لها بعلا [٢]

أهكذا يقول الناس: «سوى التيس ذي القرنين» ؟ ويحك! ثم تظنّ ذلك قد خفي ولم يعلم به أحد، فتسبّ الرجال وتعيبهم؟ فقال: ما أنت وهذا؟ وما علمك بمعنى ما أردت؟ فقلت: هذا أعجب من ذاك، أتذكر امرأة تنسب بها في شعرك وتستغزر لها الغيث في أوّل شعرك، ثم تحمل عليها التيس في آخره؟ قال: فأطرق وذلّ وسكن. فعدت إلى أصحابي وأعلمتهم ما كان من خبره، فقالوا: ما أنت أهون حجارته التي رمي بها اليوم منّا، قال، فقلت لهم: لم يترني فأطلبه بذحل، ولكني نصحته لئلا يخلّ هذا الإخلال الشديد، ويركب هذه العروض التي ركب في الطعن على الأحرار والعيب لهم.

«١٢١٣» - ومن السرقة الفاحشة قول كثيّر في عبد الملك بن مروان:

[من الطويل]

إذا ما أراد الغزو لم يثن همّه ... حصان عليها عقد درّ يزينها


[١] حقل: مكان دون أيلة بخمسة عشر ميلا كان لعزة فيه بستان (ياقوت) .
[٢] جدرية: نسبة الى جدرة، حي من الأزد.

<<  <  ج: ص:  >  >>