وهو من قصيدة له مشهورة أجاد فيها وأحسن كلّ الإحسان، ولم تمنعه قدرته على ذلك الإحسان من الشّره إلى ما ليس له.
«١٢١٧» - وقد قال الشماخ:[من الطويل]
وأمر ترجّي النفس ليس بنافع ... وآخر يخشى ضيرة لا يضيرها
فأغار عليه شبيب بن البرصاء فقال:[من الطويل]
ترجّي النفوس الشيء لا تستطيعه ... وتخشى من الأشياء ما لا يضيرها
«١٢١٨» - وكان أبو العتاهية مع تقدّمه في الشعر كثير السقط، فروي أنه لقي محمد بن مناذر بمكة، فمازحه وضاحكه، ثم دخل على الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين هذا شاعر البصرة يقول قصيدة في كلّ سنة، وأنا أقول في السنة مئين قصائد. فأدخله الرشيد إليه فقال ما يقول أبو العتاهية. فقال: يا أمير المؤمنين لو كنت أقول كما يقول لقلت مثله كثيرا: [من الهزج]
ألا يا عتبة الساعة ... أموت الساعة الساعة
لقلت مثله كثيرا، ولكنني أقول:[من الخفيف]
إنّ عبد المجيد يوم تولّى ... هدّ ركنا ما كان بالمهدود
ما درى نفسه ولا حاملوه ... ما على النّعش من عفاف وجود
فقال الرشيد: أنشدنيها، فأنشده إيّاها، فقال: ما لها عيب إلا أنها في سوقة، وما كان ينبغي إلا أن تكون في خليفة أو وليّ عهد، ثم أمر له بعشرة آلاف درهم؛ فكاد أبو العتاهية يموت غمّا وأسفا.