للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما ضربوا القداح على الإبل، وجعلوا مكان كلّ جزء من أعشار البعير جزورا أو ما شاءوا من مضاعفة العدد. وإذا أرادوا أن يفيضوا بالقداح أحضروا رجلا يسمّونه الحرضة، لأنه نذل من الرجال لا يأكل لحما بثمن، إنما يستطعمه، فشدّوا عينيه ثم ألقوا على يديه مجولا، وهو ثوب أبيض، لئلا يفهم مجسّة [١] القداح ويعصب على يديه الرّبابة، وهي سلفة فيها القداح كالخريطة الواسعة تستدير فيها القداح وتستعرض وتجلجل، ومخرجها يضيق عن أن يخرج منه قدحان، ويؤتى برجل فيقعد أمينا عليها يقال له الرقيب.

قال أبو ذؤيب يذكر حميرا [٢] : [من الكامل]

فوردن والعيّوق مقعد رابىء الض ... ضرباء خلف النّجم لا يتتلّع

النجم ها هنا الثريّا، شبّه العيوق وراءها برابىء الضّرباء وهو الرقيب، لأنه يربأ أي يشرف، فإذا قعد قعد الرّقيب وراءه بعد شدّ عينيه وشدّ الرّبابة على يديه.

وقيل جلجل، فيجلجلها مرتين أو ثلاثا، ثم يفيضها؛ والإفاضة أن يدفعها دفعة واحدة إلى قدّام ليخرج منها قدح، وكذلك الإفاضة من الحجّ، إنما هي من عرفات للدفع إلى جمع. فإذا برز منها قدح قام الرّقيب فأخذه ونظر إليه، فإن كان غفلا ردّه في الرّبابة وقال للحرضة: جلجل، وكان الخارج لغوا لا غنم فيه ولا غرم، وإن كان من السبعة دفعه إلى صاحبه فأخذ نصيبه، ثم تعاد الجلجلة والإفاضة، فإذا خرج من القداح ما يستوعب جميع الأعشار قطع الإفاضة، وكان ثمن الجزور على الذين لم تخرج قداحهم موزّعا في قدر سهامهم إن استوت حظوظ السّهام والأعشار، فإن زادت الحظوظ الخارجة عن عشرة كان غرم الزيادة لأرباب القداح الفائزة على من لم تخرج قداحه مع ثمن الجزور على قدر سهامهم أيضا، وربما حضر بعد فوز الواحد والاثنين من يسألهم أن


[١] نهاية الأرب (٣: ١١٩) : مسّ.
[٢] من عينيته (ديوان الهذليين ١: ٦) واللسان (عوق) .

<<  <  ج: ص:  >  >>