للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاركنا في أموالنا، وإن كانت حائلا وأدناها، فقالت العجوز: وضعت أنثى، قلت: أتبيعها؟ قال: وهل تبيع العرب أولادها؟ قال، قلت: وإنما أشتري حياتها ولا أشتري رقّها، قال: فبكم؟ قلت: احتكم، قال: بالناقتين والجمل، قلت: ذلك لك على أن يبلغني الجمل وإيّاها، قال: ففعل. فآمنت بك يا رسول الله وقد صارت لي سنّة على أن أشتري كلّ موؤدة بناقتين عشراوين وجمل، فعندي إلى هذه الغاية ثمانون ومائتا موؤدة قد أنقذتها. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا ينفعك ذلك لأنك لم تبتغ به وجه الله عزّ وجلّ، وإن تعمل في إسلامك عملا صالحا تثب عليه، فذلك قول الفرزدق يفتخر به: [من المتقارب]

وجدّي الذي منع الوائدين ... وأحيا الوئيد فلم توءد

وفاخر الفرزدق رجلا عند بعض خلفاء بني أميّة فقال: أنا ابن محيي الموتى، فأنكر ذلك من قوله، فقال: إنّ الله عزّ وجلّ يقول: وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً

(المائدة: ٣٢) وجدّي منع من وأد البنات واشتراهنّ بماله، فذلك الإحياء، فقال الخليفة: إنك مع شعرك لفقيه.

قوله: عشراوان، العشراء الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر، وحمل الناقة سنة، وقد تسمّى النّوق بعدما تضع عشارا، والجريد المنفرد، يقال انجرد الجمل إذا انتحى عن الإناث فلم يترك معها. وقوله: وإن كان سقبا وإن كانت حائلا، قال الأصمعي: إذا وضعت الناقة فولدها سليل قبل أن يعلم أذكر هو أم أنثى، فإذا علم فإن كان ذكرا فهو سقب وأمّه مسقب، وإن كانت أنثى فهي حائل وأمّها أمّ حائل، قال الهذليّ [١] : [من الطويل]

فتلك التي لا يبرح القلب حبّها ... ولا ذكرها ما أرزمت أمّ حائل

وهي مؤنث، وقد آنثت أي جاءت بأنثى، وقد أذكرت فهي مذكر إذا


[١] هو أبو ذؤيب، انظر: ديوان الهذليين ١: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>