متى يأت هذا الموت لا يلف حاجة ... لنفسي إلا قد قضيت قضاءها
وإنّي لدى الحرب العوان موكّل ... بإقدام نفس لا أريد بقاءها
لقد جرّبت منّا لدى كلّ مأقط ... دحيّ إذا ما الحرب ألقت رداءها
ونلقحها مبسورة ضرزنيّة ... بأسيافنا حتى نذلّ إباءها
مبسورة: مستكرهة، ضرزنيّة: شديدة.
وإنّا منعنا من بعاث نساءنا ... وما منعت م المخزيات نساءها
وأدرك قيس بن الخطيم الإسلام، وخرج مع قوم من الأنصار إلى مكة بعد العقبة الأولى، فلقوا النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فدعا قيسا إلى الإسلام وقرأ عليه القرآن، فقال له قيس: والله إنّ حسبك لكريم، وإنّ وجهك لحسن، وللّذي أنت عليه خير من الذي أنا عليه، أفرأيت إن أنا بايعتك أيحلّ لي الزّنا؟
قال: لا، قال: أفيحلّ لي الهجاء؟ قال: لا، قال: أفيحلّ لي القتل؟ قال: لا، قال: ففي نفسي من هذه الخصال شيء، فأنا أرجع إلى بلدي فأقضي أربي، فإذا قدمت اتبعتك. فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: فإن لي إليك حاجة، قال قيس: هي لك، قال: إنّ امرأتك حواء بنت يزيد مسلمة فلا تؤذها ولا تحل بينها وبين الإسلام، قال: ذلك لك، وما علمت بذلك. وهي أخت رافع بن يزيد الأشهلي، وهو ممن شهد بدرا. ثم رجعوا إلى المدينة وقد فشا الإسلام في الأوس والخزرج، ودخل بعضهم في كفة بعض بعد الحرب المتصلة بينهم. وكان قيس من ذوي البلاء فيها.
فاجتمع ناس [١] من بني سلمة فيهم رجل من بني مازن بن النجار، فقالوا: قد علمتم ما صنعت بكم الأوس يوم بعاث، وقيس بن الخطيم فتى الأوس وشاعرها فتهيّأوا لقتله، فإنّا إن قتلناه أدركنا ثأرنا. فاجتمع ملأهم على ذلك، وسألوا عنه
[١] في اغتيال قيس بن الخطيم انظر أسماء المغتالين (نوادر المخطوطات) ٢: ٢٧٤.