للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نبت بن مالك بن زيد بن كهلان، وليس الحارث من بني جفنة، وقد نسب إلى بني جفنة لأنّ الملوك كانوا منهم. وأخرج الحارث ابنته حليمة، وكانت أجمل نساء العرب، فدافت مسكا في جفنة وبرزت. فجعلت تطلي هؤلاء الفتيان بذلك المسك، وكان آخرهم لبيد. فلما خلّقته قبض عليها وقبّلها، فصاحت وولولت. فقال أبوها: ما شأنك؟ فأخبرته فقال: قدمناه للقتل فإن يقتل فقد كفيت أمره وإن يسلم- وهو أحبّهما إليّ- زوّجتك إياه، فهو كفؤ لك كريم.

فلما تجهّزوا قال لهم شمر: ائتوا المنذر وأعلموه أنكم خرجتم مراغمين للحارث لسوء أثره فيكم، فإنه سيسرّ بمكانكم فكونوا قريبا من قبّته، فإذا رأيتمونا قد زحفنا إليه فشدّوا على حرسه وحجّابه. ففعل الفتيان ما أمرهم به، فلما زحف الحارث وأصحابه شدّ الفتية على الحرس فقاتلوهم أشدّ قتال، وقتلوا منهم بشرا وقتلوا كلّهم، ولحقهم شمر فيمن معه من جفنة، ولم يكن له همة إلا قتل المنذر، فقصده فدخل عليه فقتله. ولم ينج من أهل المائة إلا لبيد صاحب حليمة، فرجع وقد اسودّت فرسه من العرق، فأخبر الحارث بأنّ شمر بن عمرو قد قتل المنذر.

ثم حمل على أصحاب المنذر، فقال له الحارث: ويحك! أين تمضي؟ ارجع وقد زوّجتك حليمة، فقال: والله لا تحدّث العرب أني بقيت فلّ مائة. ولحق الحارث الناس فقتل منهم مقتلة عظيمة، وأسر شأس بن عبدة أخا علقمة بن عبدة الذي يعرف بعلقمة الفحل في سبعين من أشراف تميم سوى الشرط، وأسر من أسد وقيس جمعا كثيرا. وهذا اليوم أيضا يسمّى عين أباغ.

ووفد علقمة [١] بن عبدة بن النعمان بن قيس أحد بني عبيد بن ربيعة بن مالك ابن زيد مناة بن تميم إلى الحارث فامتدحه بقوله: [من الطويل]

طحا بك قلب في الحسان طروب

وهي من قلائد أشعار العرب يقول فيها:


[١] ديوان علقمة الفحل: ٣٣، ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>