للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«٤٣» - ولّى يزيد بن معاوية عمرو بن سعيد بن العاص مكة والمدينة والطائف. فقدم المدينة في شهر رمضان من سنة ستين قبيل العتمة، فصلّى العتمة بالناس فقرأ: لم يكن وإذا زلزلت الأرض. فلما أصبح خرج إلى الناس وعليه قميص أحمر ورداء أحمر وعمامة حمراء، فرماه الناس بأبصارهم، فقال:

يا أهل المدينة ما لكم ترمونا بأبصاركم كأنكم تريدون أن تغزوا بنا سيوفكم [١] ، أنسيتم ما فعلتم؟ أما لو أنّا ننقم منكم في الأولى ما عدتم في الثانية. أغرّكم أن قتلتم عثمان فوجدتم بعده ثائرا [٢] حليما ومسنا مأمونا قد فني غضبه وذهبت أذاته. فاغنموا أنفسكم فقد وليناكم بالشابّ المقتبل البعيد الأمل، قد اعتدل جسمه، واشتد عظمه، ورمى الدهر ببصره، واستقبله ببأسه، فهو إن عضّ نهش وإن وطئ فرس، لا يقلقل له الحصى، ولا تقرع له العصا. فرعف وهو يتكلم، فألقى إليه رجل عمامة فمسح بها فقال رجل من خثعم: دم على منبر في عمامة وقال: فتنة عمّت وعلا ذكرها وربّ الكعبة، فكانت الفتنة المشهورة.

«٤٤» - لما بنى عبيد الله بن زياد داره البيضاء بالبصرة، بعد قتله الحسين بن علي عليهما السلام، صوّر على بابها رؤوسا مقطّعة، وصوّر في دهليزها أسدا وكبشا وكلبا، وقال: أسد كالح، وكبش ناطح، وكلب نابح. فمر بالباب أعرابي فرأى ذلك فقال: أما إن صاحبها لا يسكنها إلا ليلة لا تتم. فرفع الخبر إلى ابن زياد فأمر بضرب الأعرابي وحبسه. فما أمسى حتى قدم رسول ابن الزبير إلى وجوه أهل البصرة في أخذ البيعة، ودعا الناس إلى طاعته فأجابوه، ووثبوا بابن


[١] العقد: أن تضربونا بسيوفكم.
[٢] العقد: ثائرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>