للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب، ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله تعالى لقوم أحبّ إرشادهم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ

(النساء: ٥٨) ، فالرادّ إلى الله الآخذ بمحكم كتابه، والرادّ إلى الرسول الآخذ بسنته الجامعة غير المفرّقة.

ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تمحّكه الخصوم ولا يتمادى في أزله «١» ولا يحصر عن الفيء إلى الحقّ إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه:

أوقفهم في الشّبهات وآخذهم بالحجج، وأقلّهم تبرما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشيف «٢» الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم ممن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء، وأولئك قليل، ثم أكثر تعاهد قضائه، وافسح له في البذل ما يزيح علّته، وتقلّ معه حاجته إلى الناس، وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصّتك، لتأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك، فانظر في ذلك نظرا بليغا، فإن هذا الدين قد كان أسيرا في أيدي الأشرار، يعمل فيه بالهوى وتطلب به الدنيا.

ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختيارا، ولا تولّهم محاباة وأثرة، فإنهما جماع من شعب الجور والخيانة، وتوخّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المقدّمة «٣» ، فإنهم أكرم خلاقا، وأصحّ أعراضا، وأقلّ إلى المطامع إشرافا، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا، ثم أسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجّة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك، ثم ٢١ ١ التذكرة

<<  <  ج: ص:  >  >>