«١٥٤» - قال رجل لسقراط: ما أفقرك! قال: لو عرفت راحة الفقر لشغلك التوجّع لنفسك عن التوجّع لي، فالفقر ملك ليس عليه محاسبة.
١٥٥- قال ابن المعتز: الناس ثلاثة أصناف: أغنياء وفقراء وأوساط.
فالفقراء موتى إلا من أغناه الله عزّ وجلّ بعزّ القناعة، والأغنياء سكارى إلا من عصمه الله تعالى بتوقع الغير، وأكثر الخير مع أكثر الأوساط، وأكثر الشر مع الفقراء والأغنياء لسخف الفقر وبطر الغنى.
«١٥٦» - وفي الحديث أن قيس بن عاصم قال: أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: هذا سيّد أهل الوبر، فقلت: يا رسول الله ما المال الذي ليست عليّ فيه تبعة في إمساكه من طالب ولا ضيف؟ فقال عليه السلام: نعم المال أربعون والكثر ستون، ويل لأصحاب المئين إلا من أعطى الكريمة ومنح الغزيرة، ونحر السمينة، فأكل وأطعم القانع والمعترّ.
وفي رواية أخرى إلا من أعطى من رسلها، وأطرق فحلها، وأفقر ظهرها، وذبح من غزيرتها، وأطعم القانع والمعترّ. فقلت: يا رسول الله ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها، إنها لا تحلّ بالوادي الذي فيه إبلي من كثرتها.
قال: فكيف تصنع في العطية؟ قلت: أعطي البكرة وأعطي الناب، قال:
وكيف تصنع في المنحة؟ قلت: إني لأمنح المائة، قال: كيف تعطي الطروقة؟ قلت: يغدو الناس بإبلهم فلا يوزع رجل عن جمل يختطمه فيمسكه ما بدا له حتى يكون هو الذي يردّه.
وفي الرواية الأخرى قال: فكيف تصنع في الإطراق؟ قلت: يغدو الناس فمن شاء أن يأخذ رأس بعير فيذهب به، قال: فكيف تصنع بالافقار؟ قلت:
إني لأفقر الناب المدبرة والضّرع الصغيرة، قال: فكيف تصنع في المنحة؟