ابن الكواء: ولا ليلة صفين؟ قال علي: قاتلكم الله يا أهل العراق، ولا ليلة صفين.
١٧٢- وعن أنس: جاءت فاطمة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم تشكو مجلا بيدها من الطحين. فأتاها النبي صلّى الله عليه وسلّم بغلام وعليها ثوب، فذهبت تغطى وجهها فتخرج رجلاها، فذهبت تغطي رجليها فذهب رأسها. فقال صلّى الله عليه وسلّم: إنما هو أبوك وغلامك.
١٧٣- ومدح الفقر والرضا به مخرجة من الدنانير. فأما المنغمس في الدنيا والراغب فيها فجماله وفخره في الغنى، ووباله وفساد حاله وفضائله الفقر. وقد أكثر الناس في ذلك، فكانوا أكثر ممّن رضي بالفقر، كنسبة كثرة الراغبين في الدنيا إلى قلة طالبي الآخرة.
«١٧٤» - وقد قالوا: الفقر رأس كل بلاء، وداعية إلى مقت الناس، وهو مع ذلك مسلبة للعقل والمروءة، ومذهبة للحياء والأدب والعلم، معدن للتهمة.
ومتى نزل بالرجل الفقر لم يجد بدّا من ترك الحياء. ومن فقد حياءه فقد مروءته، ومن فقد مروءته مقت، ومن مقت أوذي، ومن أوذي حزن، ومن حزن أنكر عقله، واستحال ذهنه، وذهب حفظه وفهمه، ومن صار إلى ذلك كان قوله وفعله عليه لا له. وإذا افتقر الرجل اتهمه من كان له مؤتمنا، وأساء به الظن من كان ظنه به حسنا. فإن أذنب غيره أظنوه، وكان عندهم للتهمة أهلا. وليست خلّة هي للغني مدح إلا وهي للفقير عيب، فإن كان شجاعا قيل أهوج، وإن كان جوادا قيل مبذر، وإن كان حليما قيل ضعيف، وإن كان وقورا قيل بليد، وإن كان لسنا قيل مهذار، وإن كان صموتا قيل عيي.
١٧٥- وأوصى قيس بن معدي كرب الكندي بنيه فقال: عليكم بهذا المال فاطلبوه أجمل الطلب، واجعلوه جنة لاعراضكم يحسن في الدنيا مقالكم، فإن بذله كمال الشرف وثبات المروءة، وإنه ليسوّد غير السيد، ويقوّي غير الأيّد،