على الوالي فردّ عليّ. ثم أقبل عليه حضين فقال: أصلح الله الأمير هذا علي بن سويد بن منحوف سيد فتيان بكر بن وائل وابن سيد كهولها، وأكثر الناس مالا، وقد تحمّل بي على الأمير في حاجة، قال: حاجته مقضية؛ قال: فإنه يسألك أن تمد يدك من ماله ومراكبه وسلاحه إلى ما أحببت، قال: لا والله ما أفعل ذلك بل نحن أولى بزيادته؛ قال: فقد أعفيناك من هذه إذ كرهتها، وهو يسألك أن تحمّله حوائجك بالبصرة؛ قال: إن كان فيها حاجة فهو فيها ثقة، ولكني أسألك أن تكلمه في قبول معونة منّا فإنا نحب أن نرى على مثله من أثرنا. فأقبل عليّ فقال: يا أبا الحسن، عزمت عليك أن لا ترد على عمك شيئا أكرمك به. فسكت فدعا لي بمال ودواب وكسوة ورقيق. فلما خرجت قلت: يا أبا ساسان لقد وافقتني على خطة، قال:
اذهب! إليك يا ابن أخي، فعمك أعلم بالناس منك، إن الناس إن يعلموا لك غرائر من مال حشوا لك أخرى، وإن علموا أنك فقير تعدّوا عليك مع فقرك.
«١٩٩» - كان سعية بن غريض اليهودي ينادم قوما من الأوس والخزرج، ويأتونه فيقيمون عنده، ويزورونه في أوقات قد ألف زيارتهم فيها، فأغار عليه بعض ملوك اليمن فانتسف ماله حتى افتقر، فانقطع عنه إخوانه وجفوه، فلما أخصب وتراجعت حاله راجعوه. فقال في ذلك:[من الوافر]
أرى الإخوان لما قل مالي ... وأجحفت النوائب ودّعوني
فلما أن غنيت وعاد مالي ... أراهم لا أبا لك راجعوني
وكان القوم خلانا لمالي ... وإخوانا لما خوّلت دوني
فلما شذّ مالي باعدوني ... ولما عاد مالي عاودوني
صخر بن حبناء:[من الطويل]
رأيت لما نلت مالا وعضّنا ... زمان نرى في حدّ أنيابه شغبا