عشر رجلا، وإني حفرت يوما قبرا بدرهمين فمررت بشملة تباع بدرهمين فابتعتها، وكنت قد عريت، فلما وقعت في يدي ندمت ألا أكون صنعت بها طعاما لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وإنها لمعي إذ مرّ بي رجل فساومني بها وبعته بأربعة دراهم، فما وصلت إلى منزلي حتى ابتعت شملة خيرا منها بدرهمين وابتعت بدرهمين خبزا ولحما، فجئت به النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأرسل وجمع إليه أصحابه فأكلنا، ثم قال: اللهم إنا قليل فكثّرنا، وإنا مقلّون فكثّر لنا. قلت: يا نبي الله ألا ترى إلى هذه الشملة عليّ؟ ألا أخبرك بخبرها؟
فقصصت عليه خبرها فضحك ثم قال: أما إنه لو أخبرتكم بما يفتح الله عليكم سرّكم، ولو أخبرتكم كيف تكونون فيها ساءكم. قلنا: يا نبي الله فلا حاجة بالدنيا. قال: يأبى الله. قلنا: ونهلك وأنت بين أظهرنا؟ قال: لا تصلحون ما بقيت وتهلكون إذا هلكت إلا قليلا. قلنا: وكيف ذلك؟ قال: تفتح فارس فتأكلون طعامهم وتلبسون ثيابهم، وليس من قبل هذا تهلكون، ولكنكم تنعمون فتشبعون وتوسرون فتطغون، وتفتح الروم فيكون كذلك. قلنا: يا رسول الله فأوصنا، فقال: إن الدنيا أفضت إليكم فما لقيتم منها فلا تأخذوه إلا طيبا وما لبستم فلا تلبسوا مشهورا، يرفع إليكم البصر وأنتم ملوكها وأمراؤها، فاقضوا عدلا، وسيروا قصدا، ولا تتخذوا مجالس الرفعة فإنها وضيعة، وسوف ألقاكم غدا، فمن قبض على طريقتي فأولئك هم السالمون، فأقول فلان بن فلان؟
فيقال: ربك أعلم، فأقول: ربي أعلم.
٢٣٨- وروي أن عليا عليه السلام حدث، قال: لقد غدوت في غداة شاتية جائعا خصرا، وأيم الله لو كان في بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم طعام لأطعمت منه، وقد أخذت إهابا مطعونا فجئت وسطه ثم شددته عليّ ليدفئني ألتمس كسبا لعلي أجد شيئا آكله، فمررت بيهودي وهو في حائط له ينزع فيه بيده يسقيه، فأطلعت عليه من ثلمة الحائط، فقال: يا أعرابي ما لك؟ هل لك في كلّ دلو بتمرة؟
قلت: نعم، افتح الباب. ففتحه لي فدخلت فأعطاني دلوا، فجعلت كلما نزعت