للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عفّ خفّ على الصديق لقاؤه ... وأخو الحوائج قربه مملول

٤٧٠- لمّا قدم الأحنف على عمر رضي الله عنه في وفد أهل البصرة، فقضى حوائجهم قال الأحنف: يا أمير المؤمنين إنّ أهل هذه الأمصار نزلوا على مثل حدقة البعير من العيون العذاب تأتيهم فواكههم لم تخضد، وإنّا نزلنا سبخة نشّاشة، طرف لها بالفلاة وطرف بالبحر الأجاج، يأتينا ما يأتينا في مثل مريء النعامة، فإن لم ترفع خسيستنا بعطاء تفضّلنا به على سائر الأمصار نهلك.

٤٧١- كان ابن أبي دواد من أكثر الناس سعيا في حوائج الناس، فقال له الواثق: إنّ حوائجك ومسائلك تستنفد بيوت الأموال! فقال: يا أمير المؤمنين، أتخاف الفقر والله مادّتك؟! ٤٧٢- كان الزّوار يسمّون السّؤال إلى أيام خالد بن برمك، فقال خالد:

هذا والله اسم أستقبحه لطالب الخير، وأرفع قدر الكريم عن أن يسمّى به أمثال المؤمّلين، لأنّ فيهم الأشراف والأحرار وأبناء النّعم، ومن لعلّه خير ممّن يقصد وأفضل أدبا. لكنا نسمّيهم الزّوّار.

٤٧٣- قال محمد بن علي الشطرنجي: سألني رجل أن أسأل رجلا من آل سليمان بن وهب كتابا إلى مالك بن طوق في حاجة له؛ فصرت إلى الرجل وسألته ذاك، فقال: نعم وكرامة، فقلت: تأذن لي أعزّك الله في البكور [١] إليك مسلّما ومذكّرا؟ فقال: افعل ما بدا لك. وجئته من غد سحرا فألفيت دابته مسرجة على بابه، فقلت لغلامه: ما خبره؟ قال: ادخل، فدخلت فوجدته جالسا على حصير صلاته بثياب ركوبه، وسلّمت عليه وقلت: أحسبك تريد الركوب في حاجتي، فقال: غفر الله لك! قد مضيت فيها وقد قضيتها؛ وأعطاني الكتاب الذي سألته إيّاه وهو على سحاءة، فوقفت عليه وكان على غاية التأكيد. ودعوت [٢] له، فقال لي:


[١] م: في الخروج والبكور.
[٢] م: فدعوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>