محمد وإبراهيم قد استوحشا من ناحيتي، وإني أحبّ أن يأنسا بي ويأتياني، فأصلهما وأزوّجهما وأخلطهما بنفسي. قال: وعبد الله يطرق طويلا ويقول:
وحقّك يا أمير المؤمنين ما لي بهما ولا بموضعهما من البلاد علم، ولقد خرجا عن يدي؛ فيقول: لا تفعل يا أبا محمد، واكتب إليهما وإلى من يوصل كتابك إليهما، قال: فامتنع أبو جعفر من غدائه ذلك اليوم إقبالا على عبد الله، وعبد الله يحلف أنه لا يعرف موضعها، وأبو جعفر يكرّر عليه: لا تفعل يا أبا محمد، لا تفعل يا أبا محمد. وقال أبو جعفر لعقبة بن سلم: إذا فرغنا من الطعام فلحظتك، فامثل بين يدي عبد الله، فإنه سيصرف بصره عنك، فدر حتى تغمز ظهره بإبهام رجلك حتى يملأ عينيه منك، ثم حسبك، وإياك أن يراك ما دام يأكل. ففعل عقبة ذلك، فلما رآه عبد الله وثب حتى جثا بين يدي أبي جعفر وقال: يا أمير المؤمنين أقلني أقالك الله، قال: لا أقالني الله إن أقلتك، ثم أمر بحبسه.
٧٣٨- كان عيسى بن جعفر متنوّقا، فخاطره الرشيد على مائة ألف أن يلبس ثوبا ليس له مثله، فلما لبسه قال له عيسى: عندي فرش من هذا، فأحضره، وأخذ المال. ثم خاطره على مائة ألف أن يلبس جبّة ليس له مثلها، فأحضر أحسن منها، وانصرف بمائتي ألف، فاغتاظ الرشيد. فقال له إبراهيم بن المهديّ: إن أحببت أن تسترجع المائتين ومثلهما، فخاطره والبس البردة. ودعا به وخاطره فغلبه وأخذ أربعمائة ألف وأعطاها إبراهيم.
٧٣٩- أراد عمر رضي الله عنه أن يعزل المغيرة بن شعبة عن العراق بجبير بن مطعم وأن يكتم ذلك، وأمر بالجهاز. وأحسّ بذلك المغيرة فأمر جليسا له أن يدسّ امرأته- وكانت تسمّى لقّاطة الحصى- لتدور في المنازل حتى دخلت منزل جبير، فوجدت امرأته تصلح أمره، فقالت: إلى أين يخرج زوجك؟ قالت: إلى العمرة، قالت: كتمك، ولو كان لك عنده منزلة لأطلعك. فجلست متغضّبة فدخل إليها جبير وهي كذلك، فلم تزل