للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيوت وقل: إنّ المرأة والصبيّ قد يريان ما لا يرى الرجال، فتنشدهم، ولا تدع أحدا تصيبه عينك عنك، ولا بيتا من بيوتهم إلا نشدتها فيه. قال الرجل: فأتيت القوم فإذا هم في جزور يقسمونها، فسلّمت وفعلت ما قال، واستأذنتهم في البيوت فأتيتها بيتا بيتا فلم يذكروا شيئا حتى انتصف النهار، وفرغت من البيوت، وذهبت لأنصرف، فإذا بثلاثة أبيات، فقلت: ما عند هؤلاء إلا ما عند غيرهم، ثم تذمّمت فانصرفت عائدا إلى أعظمها بيتا فذكرت لهم ضالّتي، فقالت جارية منهم: يا عبد الله، ما أظنّك إلا قد اشتدّ عليك الحرّ واشتهيت الشراب، قلت: أجل، قالت: ادخل. فأضافتني وأكرمت، فأتيت عليها ثم قلت: يا أمة الله، هل ذكرت في ضالّتي ذكرا؟ قالت: أترى هذه الشجرة فوق الشرف؟

قلت: نعم، قالت: فإنّ الشمس غربت أمس وهي تطيف حولها، ثم حال الليل بيني وبينها. فرجع الرجل إلى جميل فعرف لحن الكلام وأتاها ليلا فحادثها.

٨١٠- وروي أنّ لقاءها تعذّر عليه لمراعاة أبيها وزوجها لها. فنزل بهم قوم من قريش فأحسن قراهم، فقال له أحدهم: هل لك حاجة؟ قال: نعم، تنزل بأبي بثينة وتبيت عنده، فإذا وجدت غفلة قلت له: إنّ لي غريما وعدني وحلف لي ألا أطلبه ولا أرسل إليه إلا أتاني وقد طال مطله إيّاي، وهو رجل منكم، وأريد أن تعينني عليه، فإنّها ستجيبك بوعد تحصّله لي. ففعل القرشيّ ذلك، وخاطب أباها به، فقالت بثينة: يا أبه، قد رأيت هذا الفتى القرشيّ ملازما لرجل يطالبه بحقّ له في وقت مساء تحت شجرات بأعلى الوادي، ولست أعرف الرجل بعينه لأنه كان في وقت مظلم، فقال له أبوها:

إذا غدوت عليه وطالبته عاونتك وكرامة. فلما أصبح مضى إلى جميل فأخبره الموعد فتوافيا فيه.

«٨١١» - كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجّاج: أنت عندي كسالم، فلم يدر

<<  <  ج: ص:  >  >>